[ ص: 54 ] مطلب : في سبب قولهم لعاصم بن ثابت حمي الدبر .
( و ) ك ( دبر ) ، فإنه يحل قتله في الحل ، والحرم كنظائره ، والمراد بالدبر هنا الزنبور قال في حياة الحيوان الدبر بفتح الدال جماعة النحل وأما بكسر الدال فصغار الجراد ويجمع على دبور قال ويقال أيضا للزنابير دبر . وفي القاموس الدبر بالفتح جماعة النحل والزنابير وبالكسر فيهما وجمعه أدبر ودبور انتهى ومنه قيل لعاصم بن ثابت الأنصاري حمي الدبر ، وذلك أن المشركين لما قتلوه أرادوا أن يمثلوا به فحماه الله بالدبر فارتدعوا عنه حتى أخذه المسلمون فدفنوه ، وكان قد عاهد الله أن لا يمس مشركا ولا يمسه مشرك فحماه الله بعد وفاته .
وفي السيرة النبوية أن المشركين لما قتلوا أرادت عاصما هذيل أخذ رأسه ليبيعوه من سلافة بنت سعد بن سهيل - أسلمت بعد ذلك - وكانت نذرت حين قتل ابنيها مسافعا ، والجلاس ابني أبي طلحة العبدري وكان قتلهما يوم عاصم أحد لئن قدرت على رأس لتشربن الخمر في قحفه وجعلت لمن جاء به مائة ناقة فمنعته الدبر . وفي حديث عاصم في الصحيح وبعثت قريش إلى أبي هريرة ليؤتوا بشيء من جسده يعرفونه ، وكان قتل عظيما من عظمائهم يوم عاصم بدر .
قال الحافظ ابن حجر لعله عقبة بن أبي معيط ، فإن قتله صبرا بإذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن انصرفوا من عاصما بدر وكأن قريشا لم تشعر بما جرى لهذيل من منع الدبر لها من أخذ رأس فأرسلت من يأخذه ، أو عرفوا بذلك ورجوا أن تكون الدبر تركته فيمكنهم أخذه انتهى . فبعث الله عليه مثل الظلة من الدبر يطير في وجوههم ويلدغهم ، فحمته من رسلهم فلم يقدروا منه على شيء انتهى . فلما حالت الدبر بين عاصم هذيل وبين رأس قالوا : دعوه حتى يمسي فيذهب عنه فنأخذه ، فبعث الله تبارك وتعالى الوادي فاحتمله فذهب به ، وكان عاصم قد أعطى الله تعالى عهدا أن لا يمس مشركا ولا يمسه مشرك ، فبر الله عز وجل قسمه ، فلم يروه ولا وصلوا منه إلى شيء . عاصم
وكان رضي الله عنه يقول حين بلغه خبره : يحفظ الله تبارك وتعالى العبد المؤمن بعد وفاته كما يحفظه في حياته . قال في السيرة الشامية : الدبر بفتح الدال المهملة وسكون الموحدة [ ص: 55 ] وبالراء ، وهو هنا الزنابير ، أو النحل انتهى . عمر بن الخطاب
وفي المطالع قوله كالظلة من الدبر وبفتح الدال وإسكان الباء جماعة النحل وقيل جماعة الزنابير ، والظلة السحاب انتهى .