ثم قال رحمه الملك المتعال : مطلب : أقرب للعدل : وواحدة أدنى من العدل فاقتنع وإن شئت فابلغ أربعا لا تزيد ( و ) زوجة ( واحدة أدنى ) أي أقرب ( من العدل ) الذي هو ضد الجور والميل بشهادة قوله تعالى { الاقتصار على زوجة واحدة لن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة } ( فاقتنع ) بواحدة تسلم من ديجور الجور ، يقال قنع يقنع قنوعا وقناعة بالكسر إذا رضي ، وقنع بالفتح يقنع قنوعا إذا سأل .
ومن الأول : القناعة كنز لا يفنى . قال في النهاية : لأن الإنفاق منها لا ينقطع كلما تعذر عليه شيء من أمور الدنيا قنع بما دونه ورضي . وفي الحديث { عز من قنع وذل من طمع } لأن القانع لا يذله الطلب فلا يزال عزيزا ( وإن شئت ) الزيادة عن الواحدة ( فابلغ ) في زيادتك ( أربعا ) من النساء الحرائر إن كنت حرا ، فإن ذلك نهاية جمع الحر .
[ ص: 431 ] لا تزيد ) لا ناهية وتزيد بتشديد الياء المثناة تحت مجزوم بها وكسر للقافية . فليس للحر أن يزيد على أربع نسوة إلا بملك اليمين فله أن يتسرى بما شاء من الإماء ولو كتابيات من غير حصر . وكان للنبي صلى الله عليه وسلم أن يتزوج بأي عدد شاء ونسخ تحريم المنع . وليس للعبد أن يجمع أكثر من اثنتين ، وليس له التسري ولو أذن له سيده . نصا . ولمن نصفه حر فأكثر نكاح ثلاثة
قال في الإقناع : ويستحب أن لا يزيد على واحدة إن حصل بها الإعفاف ، وكل هذا لقوله تعالى { فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع ، فإن خفتم أن لا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى أن لا تعولوا } . قال المفسرون : أقرب من أن لا تميلوا . يقال عال الميزان إذا مال ، وعال الحكم إذا جار ، وعول الفريضة الميل عن حد السهام المسماة .
وفسر بأن لا يكثر عيالكم ، والأول أولى لأن كثرة النساء مظنة الميل عن حد الاستقامة والجور في القسم بينهن وعدم السلامة .
وأخرج الترمذي وتكلم فيه وصححه عن والحاكم رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { أبي هريرة } ورواه من كانت عنده امرأتان فلم يعدل بينهما جاء يوم القيامة وشقه ساقط أبو داود ولفظه { } . من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل ولفظه { والنسائي } . ورواه من كانت له امرأتان يميل لإحداهما على الأخرى جاء يوم القيامة أحد شقيه مائل ابن ماجه في صحيحه بنحو رواية وابن حبان هذه إلا أنهما قالا { النسائي } جاء يوم القيامة وأحد شقيه ساقط
وأخرج أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه في صحيحه وقال وابن حبان الترمذي روي مرسلا وهو أصح عن رضي الله عنها قالت { عائشة } . كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم فيعدل ويقول اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك يعني القلب
وروى وغيره عن مسلم رضي الله عنهما [ ص: 432 ] قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { عبد الله بن عمرو بن العاص } والله الموفق . إن المقسطين عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن وكلتا يديه يمين ، الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا
" تتمة " كان الناس في الصدر الأول لهم شأن غير شأن أهل هذا الزمان ، فقد كان لداود عليه السلام مائة امرأة ، ولولده سليمان عليه السلام ألف امرأة ، وكان لنبينا صلى الله عليه وسلم عدة من النساء ، ومات عن تسعة وسريتين ، وكان لأمير المؤمنين بعد وفاة سيدة نساء العالمين ، وبضعة خاتم المرسلين أربع حرائر وسبع عشرة سرية ، وتزوج ابنه الحسن بنحو من أربعمائة امرأة ، فكانوا قد أيدوا بالقوة وهن بالصبر بخلاف عصرنا لكل زمان دولة ورجال .