[ ص: 21 ] وصل على خير الأنام وآله وأصحابه من كل هاد ومهتد ( وصل ) يحتمل أن يكون صنيع
الناظم رحمه الله على طريق الالتفات للمخاطب ، وتكون الواو عاطفة على جملة مقدرة ، أي احمد ربك ذا الإكرام وصل . ويحتمل أنه أراد وصل يا الله فإن ( صل ) فعل دعاء . وكنت رأيت في بعض النسخ ما هذا صورته :
بحمدك ذي الإكرام ما رمت أبتدي
كذاك كما ترضى بغير تحدد
أصلي إلخ . فيكون المعنى كما أن روم ابتدائي بحمدك كذاك أي مثله كما ترضاه بغير تحدد أصلي . وبغير تحدد متعلق بأصلي ، ويكون شطر البيت الأول متعلقا بالثاني . معنى
nindex.php?page=treesubj&link=24458_843صلاة الله على نبيه صلى الله عليه وسلم
والصلاة من الله الرحمة ، ومن الملائكة الاستغفار ، ومن الآدميين التضرع والدعاء بخير . قال
الضحاك : صلاة الله رحمته ، وصلاة الملائكة الدعاء . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15153المبرد : أصل الدعاء الرحمة ، فهو من الله رحمة ، ومن الملائكة رقة واستدعاء للرحمة من الله . وقيل صلاة الله مغفرته . وهو مروي عن
الضحاك أيضا نقله الإمام
ابن القيم في كتابه جلاء الأفهام في فضل الصلاة والسلام على خير الأنام ، ولم يرض ذلك ، وإنما اختار كون الصلاة من الله تعالى ثناؤه جل شأنه عليه وإرادته لرفع ذكره وتقريبه ، وكذلك ثناء ملائكته عليه صلى الله عليه وسلم .
وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في صحيحه عن
أبي العالية قال : صلاة الله على رسوله ثناؤه عليه عند ملائكته انتهى . وأما
nindex.php?page=treesubj&link=24459_18420صلاة الملائكة والآدميين فهي سؤالهم الله تعالى أن يفعل ذلك به ، ويكون تسمية العبد مصليا لوجود حقيقة الصلاة منه فإن حقيقتها الثناء وإرادة الإكرام والتقريب وإعلاء المنزلة والإنعام ، فهو حاصل من العبد ، غير أنه يريد ذلك من الله عز وجل ، والله جل شأنه يريد ذلك من نفسه أن يفعله برسوله . وأطال الكلام على ذلك . والحاصل أن المشهور في تفسير الصلاة ما ذكرناه أولا ، غير أن كلام
ابن القيم في غاية التحقيق - والله ولي التوفيق .
[ ص: 22 ] على خير الأنام ) كسحاب ، والأنام بالمد والأنيم كأمير : الخلق ، أو الإنس والجن ، أو جميع ما على وجه الأرض كما في القاموس .
[ ص: 21 ] وَصَلِّ عَلَى خَيْرِ الْأَنَامِ وَآلِهِ وَأَصْحَابِهِ مِنْ كُلِّ هَادٍ وَمُهْتَدٍ ( وَصَلِّ ) يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ صَنِيعَ
النَّاظِمِ رَحِمَهُ اللَّهُ عَلَى طَرِيقِ الِالْتِفَاتِ لِلْمُخَاطَبِ ، وَتَكُونَ الْوَاوُ عَاطِفَةً عَلَى جُمْلَةٍ مُقَدَّرَةٍ ، أَيْ احْمَدْ رَبَّك ذَا الْإِكْرَامِ وَصَلِّ . وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ وَصَلِّ يَا اللَّهُ فَإِنَّ ( صَلِّ ) فِعْلُ دُعَاءٍ . وَكُنْت رَأَيْت فِي بَعْضِ النُّسَخِ مَا هَذَا صُورَتُهُ :
بِحَمْدِك ذِي الْإِكْرَامِ مَا رُمْت أَبْتَدِي
كَذَاكَ كَمَا تَرْضَى بِغَيْرِ تَحَدُّدِ
أُصَلِّي إلَخْ . فَيَكُونُ الْمَعْنَى كَمَا أَنَّ رَوْمَ ابْتِدَائِي بِحَمْدِك كَذَاك أَيْ مِثْلُهُ كَمَا تَرْضَاهُ بِغَيْرِ تَحَدُّدٍ أُصَلِّي . وَبِغَيْرِ تَحَدُّدِ مُتَعَلِّقٌ بِأُصَلِّي ، وَيَكُونُ شَطْرُ الْبَيْتِ الْأَوَّلِ مُتَعَلِّقًا بِالثَّانِي . مَعْنَى
nindex.php?page=treesubj&link=24458_843صَلَاةِ اللَّهِ عَلَى نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَالصَّلَاةُ مِنْ اللَّهِ الرَّحْمَةُ ، وَمِنْ الْمَلَائِكَةِ الِاسْتِغْفَارُ ، وَمِنْ الْآدَمِيِّينَ التَّضَرُّعُ وَالدُّعَاءُ بِخَيْرٍ . قَالَ
الضَّحَّاكُ : صَلَاةُ اللَّهِ رَحْمَتُهُ ، وَصَلَاةُ الْمَلَائِكَةِ الدُّعَاءُ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15153الْمُبَرِّدُ : أَصْلُ الدُّعَاءِ الرَّحْمَةُ ، فَهُوَ مِنْ اللَّهِ رَحْمَةٌ ، وَمِنْ الْمَلَائِكَةِ رِقَّةٌ وَاسْتِدْعَاءٌ لِلرَّحْمَةِ مِنْ اللَّهِ . وَقِيلَ صَلَاةُ اللَّهِ مَغْفِرَتُهُ . وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ
الضَّحَّاكِ أَيْضًا نَقَلَهُ الْإِمَامُ
ابْنُ الْقَيِّمِ فِي كِتَابِهِ جَلَاءِ الْأَفْهَامِ فِي فَضْلِ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَى خَيْرِ الْأَنَامِ ، وَلَمْ يَرْضَ ذَلِكَ ، وَإِنَّمَا اخْتَارَ كَوْنَ الصَّلَاةِ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى ثَنَاؤُهُ جَلَّ شَأْنُهُ عَلَيْهِ وَإِرَادَتُهُ لِرَفْعِ ذِكْرِهِ وَتَقْرِيبِهِ ، وَكَذَلِكَ ثَنَاءُ مَلَائِكَتِهِ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وَذَكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ عَنْ
أَبِي الْعَالِيَةِ قَالَ : صَلَاةُ اللَّهِ عَلَى رَسُولِهِ ثَنَاؤُهُ عَلَيْهِ عِنْدَ مَلَائِكَتِهِ انْتَهَى . وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=24459_18420صَلَاةُ الْمَلَائِكَةِ وَالْآدَمِيِّينَ فَهِيَ سُؤَالُهُمْ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ بِهِ ، وَيَكُونُ تَسْمِيَةُ الْعَبْدِ مُصَلِّيًا لِوُجُودِ حَقِيقَةِ الصَّلَاةِ مِنْهُ فَإِنَّ حَقِيقَتَهَا الثَّنَاءُ وَإِرَادَةُ الْإِكْرَامِ وَالتَّقْرِيبِ وَإِعْلَاءِ الْمَنْزِلَةِ وَالْإِنْعَامِ ، فَهُوَ حَاصِلٌ مِنْ الْعَبْدِ ، غَيْرَ أَنَّهُ يُرِيدُ ذَلِكَ مِنْ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَاَللَّهُ جَلَّ شَأْنُهُ يُرِيدُ ذَلِكَ مِنْ نَفْسِهِ أَنْ يَفْعَلهُ بِرَسُولِهِ . وَأَطَالَ الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ . وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَشْهُورَ فِي تَفْسِيرِ الصَّلَاةِ مَا ذَكَرْنَاهُ أَوَّلًا ، غَيْرَ أَنَّ كَلَامَ
ابْنِ الْقَيِّمِ فِي غَايَةِ التَّحْقِيقِ - وَاَللَّهُ وَلِيُّ التَّوْفِيقِ .
[ ص: 22 ] عَلَى خَيْرِ الْأَنَامِ ) كَسَحَابٍ ، وَالْأَنَامُ بِالْمَدِّ وَالْأَنِيمُ كَأَمِيرٍ : الْخَلْقُ ، أَوْ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ ، أَوْ جَمِيعُ مَا عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ كَمَا فِي الْقَامُوسِ .