الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

السفاريني - محمد بن أحمد بن سالم السفاريني

صفحة جزء
مطلب : فوائد الذكر .

وقد ذكر الإمام المحقق ابن القيم للذكر أكثر من مائة فائدة ، منها طرد الشيطان وقمعه ، وأنه يرضي الرحمن ويزيل الهم والغم عن القلب ، ويجلب له الفرح والسرور ، ويقوي البدن والقلب ، ويجلب الرزق ، ويكسي الذاكر المهابة والحلاوة والنضرة ، ويورثه المحبة التي هي روح الإسلام وقطب رحى الدين ومدار السعادة والنجاة ، فقد جعل الله لكل شيء سببا ، وجعل سبب المحبة دوام الذكر ، فمن أراد أن ينال محبة الله عز وجل فليلهج بذكره ، فإن الدرس والمذاكرة كما أنه باب العلم ، فالذكر باب المحبة وطريقها الأعظم ، وصراطها الأقوم ، ويورث الذكر الذاكر المراقبة حتى يدخله في باب الإحسان فيعبد الله كأنه يراه ، ويورثه الإنابة وهي الرجوع إلى الله والقرب منه ، ويفتح له بابا عظيما من أبواب المعرفة ، ويورثه الهيبة لربه وإجلاله لشدة استيلائه على قلبه وحضوره مع الله بخلاف الغافل ، وحياة القلب .

قال ابن القيم : سمعت شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه يقول : الذكر للقلب مثل الماء للسمك فكيف يكون حال السمك إذا فارق الماء .

[ ص: 489 ] ويورث جلاء القلب من صداه ، فكل شيء له صدى وصدى القلب الغفلة والهوى ، وجلاء الذكر والتوبة والاستغفار ، ويحط الخطايا ويذهبها ; لأنه من أعظم الحسنات ، والحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين .

ويزيل الوحشة بين العبد وبين ربه ، وهو منجاة للعبد عن عذاب الله ، كما قال معاذ رضي الله عنه ويروى مرفوعا { ما عمل آدمي عملا أنجى له من عذاب الله من ذكر الله } وهو سبب لنزول السكينة على العبد ، وغشيان الرحمة له ، وحفوف الملائكة به وهو غراس الجنة . فقد روى الترمذي وقال حسن عن ابن مسعود رضي الله عنه قال { قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقيت إبراهيم ليلة أسري بي فقال لي يا محمد أقرئ أمتك السلام ، وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة عذبة الماء ، وأنها قيعان ، وأن غراسها سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر } .

وروي من حديث جابر وقال حسن صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم قال { من قال سبحان الله وبحمده غرست له نخلة في الجنة } قال الترمذي حديث حسن صحيح .

التالي السابق


الخدمات العلمية