مطلب : الصوم يقطع الشهوة .
ولما نهى الناظم الفقير عن النكاح وهو يعلم أن شهوة الفرج شديدة ويحتاج إلى كسرها بنوع ما أرشده إلى فقال ( ولذ ) أي استتر واحتم من اللوذ بالشيء وهو الاستتار به كاللواز مثلثة واللياذ والملاوذة والملاذ الحصن أي تستر وتحصن ( بوجاء الصوم ) قال في النهاية : الوجاء أن ترض أنثيا الفحل رضا شديدا يذهب شهوة الجماع ، ويتنزل في قطعة الخصاء وقد وجيء وجاء فهو موجوء ، وقيل هو أن يوجأ العروق والخصيتان بحالهما ، والمراد أن الصوم يقطع النكاح . وإضافة الوجاء إلى الصوم في كلام كسر الشهوة بالصوم الناظم من إضافة الصفة لموصوفها . أي ولذ بالصوم الذي هو وجاء .
وفي الصحيحين وغيرهما عن رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { ابن مسعود } قال في القاموس : والباءة والباء النكاح . وفي لفظ " عليكم بالباء " وذكر الحديث . يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء
قال الإمام المحقق في روضة المحبين : وبين اللفظين فرق ، فإن الأول يقتضي أمر العزب بالتزويج ، والثاني يقتضي أمر المتزوج بالباءة ، والباءة اسم من أسماء الوطء . وقوله { } فسرت الباءة بالوطء ، وفسرت بمؤن النكاح ولا ينافي التفسير الأول إذ المعنى على هذا مؤن الباءة ثم قال { من استطاع منكم الباءة فليتزوج } فأرشدهم إلى الدواء الشافي الذي وضع لهذا الأمر ، ثم نقلهم عنه عند العجز إلى البدل وهو الصوم فإنه يكسر شهوة النفس ويضيق عليها مجاري الشهوة ، فإنها تقوى بكثرة الغذاء ، وقل من أدمن الصوم إلا وماتت شهوته أو ضعفت انتهى ملخصا . [ ص: 412 ] ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء
فإن فعلت ذلك ( تهد ) من اقتدى بك ( وتهتد ) أنت في نفسك إلى السبيل التي أرشد إليها الطبيب الرءوف الرحيم ، فإنه صلى الله عليه وسلم أعلم وأحكم وأرحم . فما أرشد إليه أقوم وأسلم والله أعلم .