مطلب : في . فضل بناء المساجد
( تتمة ) في طرف من آداب المساجد واتخاذها ، وذلك أنواع :
( النوع الأول ) : في بنائها وفضلها القائم بذلك .
اعلم - وفقنا الله وإياك لكل فعل حميد ، وعمل سديد ، وقول مفيد - أنه يجب بناء المساجد في الأمصار والقرى والمحال ونحوها بحسب الحاجة ، وهي أحب البلاد إلى الله تعالى ، وأبغض البلاد إلى الله أسواقها .
ومن بنى مسجدا لله بنى الله له بيتا في الجنة .
ففي الصحيحين وغيرهما عن رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول { عثمان بن عفان } . وفي رواية { من بنى مسجدا يبتغي به وجه الله بنى الله له بيتا في الجنة } . بنى الله له مثله في الجنة
وروى واللفظ له البزار في الصغير والطبراني في صحيحه عن وابن حبان رضي الله عنه قال قال رسول صلى الله عليه وسلم { أبي ذر } ورواه من بنى لله مسجدا قدر مفحص قطاة بنى الله له بيتا في الجنة من حديث ابن خزيمة رضي الله عنهما ولفظه { جابر بن عبد الله } ورواه ومن بنى مسجدا كمفحص قطاة أو أصغر بنى الله له بيتا في الجنة بإسناد صحيح . ورواه الإمام ابن ماجه أحمد من حديث والبزار رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا أنهما قالا { ابن عباس } ومفحص القطاة بفتح الميم والحاء المهملة هو مجثمها . كمفحص قطاة يسعها لبيضها
قاله الحافظ . المنذري
والقطاة واحدة القطا طائر معروف من أنواع الحمام . وسميت قطاة لحكاية صوتها فإنها تقول كذلك . [ ص: 306 ] قال في حياة الحيوان لما تكلم على حديث مفحص القطاة : هو بفتح الميم موضعها الذي تجثم فيه وتبيض ، كأنها تفحص عنه التراب أي تكشفه ، والفحص البحث والكشف .
خص القطاة بهذا لأنها لا تبيض في شجرة ولا على رأس جبل إنما تجعل مجثمها على بسيط الأرض دون سائر الطير ، فلذلك شبه به المسجد ، ولأنها توصف بالصدق ، ففيه إشارة إلى اعتبار إخلاص النية وصدقها في البناء ، كما قاله أبو الحسن الشاذلي .
وقيل خرج ذلك مخرج الترغيب بالقليل مخرج الكثير ، كما خرج مخرج التحذير بالقليل عن الكثير في قوله صلى الله عليه وسلم { } على أحد الأقوال في شرح هذا الخبر والله تعالى أعلم . لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده ، ويسرق الحبل فتقطع يده
وأخرج البخاري وغيرهما عن ومسلم رضي الله عنه { أبي هريرة } ورواه أن امرأة سوداء كانت تقم المسجد ، ففقدها رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأل عنها بعد أيام فقيل له إنها ماتت قال فهلا آذنتموني ، فأتى قبرها فصلى عليها في صحيحه إلا أنه قال { ابن خزيمة } ورواه إن امرأة كانت تلقط الخرق والعيدان من المسجد أيضا ابن خزيمة عن وابن ماجه رضي الله عنه قال { أبي سعيد } كانت سوداء تقم المسجد فتوفيت ليلا فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر بها فقال ألا آذنتموني ، فخرج بأصحابه فوقف على قبرها فكبر عليها والناس خلفه ودعا لها ثم انصرف
وروى في الكبير عن الطبراني رضي الله عنهما { ابن عباس } . أن امرأة كانت تلقط القذى من المسجد فتوفيت فلم يؤذن النبي صلى الله عليه وسلم بدفنها ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم إذا مات لكم ميت فآذنوني ، وصلى عليها ، وقال إني رأيتها في الجنة تلقط القذى في المسجد
وروى عن أبو الشيخ الأصبهاني عبيد بن مرزوق قال { بالمدينة تقم المسجد فماتت فلم يعلم بها النبي صلى الله عليه وسلم فمر على قبرها فقال ما هذا القبر ؟ فقالوا أم محجن ، قال التي كانت تقم المسجد ؟ قالوا نعم ، فصف الناس فصلى عليها ثم قال أي العمل وجدت أفضل ؟ قالوا يا رسول الله أتسمع ؟ قال ما أنتم بأسمع منها ، فذكر أنها أجابته قم المسجد } [ ص: 307 ] وهذا مرسل . كانت امرأة
وقم المسجد بالقاف وتشديد الميم هو كنسه .
وأخرج في الكبير وأشار الطبراني إلى ضعفه عن المنذري أبي قرصافة أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول { } . ابنوا المساجد وأخرجوا القمامة منها ، فمن بنى لله مسجدا بنى الله له بيتا في الجنة فقال رجل يا رسول الله وهذه المساجد التي تبنى في الطريق ؟ قال نعم وإخراج القمامة منها مهور الحور العين
والقمامة بالضم الكناسة .
واسم أبي قرصافة بكسر القاف جندرة بن خيشنة .
وأخرج بسند محتمل الحسن كما قاله الحافظ ابن خزيمة عن المنذري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { أبي سعيد الخدري } . من أخرج أذى من المسجد بنى الله له بيتا في الجنة
وينبغي أن يكون الكنس ونحوه يوم الخميس فهو سنة كما في الآداب الكبرى وغيرها ، ومشى عليه في الإقناع وغيره .
ولا شك أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر ببناء المساجد وأن تنظف وتطيب كما ثبت عنه ذلك في مسند الإمام وسنن أحمد أبي داود وصحيح وابن ماجه وغيرهم والله أعلم . ابن خزيمة