الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
[ ص: 260 ] nindex.php?page=treesubj&link=4442_4444 ( والأثمان المطلقة ) لا تصح إلا أن تكون معروفة القدر والصفة ; لأن التسليم والتسلم واجب بالعقد ، [ ص: 261 ] وهذه الجهالة مفضية إلى المنازعة فيمتنع التسليم والتسلم ، وكل جهالة هذه صفتها تمنع الجواز ، هذا هو الأصل
( قوله والأثمان المطلقة ) أي عن قيد الإشارة ( لا تصح حتى تكون معلومة القدر ) كخمسة وعشرة دراهم أو أكرار حنطة ، بخلاف ما لو اشترى بوزن هذا الحجر ذهبا فإنه ليس عوضا مشارا إليه ، فإن المشار إليه الحجر ولا يعلم قدر جرم ما يوزن به من الذهب ، فلهذا إذا nindex.php?page=treesubj&link=23061اشترى بوزن هذا الحجر ذهبا فوزن به كان له الخيار . nindex.php?page=treesubj&link=4444_4442_4443ومما لا يجوز البيع به البيع بقيمته أو بما حل به ، أو بما تريد أو تحب أو برأس ماله أو بما اشتراه أو بمثل ما اشترى فلان لا يجوز . فإن علم المشتري بالقدر في المجلس فرضيه عاد جائزا ، وكذا لا تجوز بألف درهم إلا دينارا أو بمائة دينار إلا درهما . وكذا لا يجوز بمثل ما يبيع الناس إلا أن يكون شيئا لا يتفاوت كالخبز واللحم ( والصفة ) كعشرة دراهم بخارية أو سمرقندية . وكذا حنطة بحيرية أو صعيدية ، وهذا لأنها إذا كانت الصفة مجهولة تتحقق المنازعة في وصفها .
فالمشتري يريد دفع الأدون ، والبائع يطلب الأرفع فلا يحصل مقصود شرعية العقد وهو دفع ، الحاجة بلا منازعة .
واعلم أن الأعواض في البيع إما دراهم أو دنانير فهي ثمن سواء قوبلت بغيرها أو بجنسها وتكون صرفا . وإما أعيانا ليست مكيلة ولا موزونة فهي مبيعة أبدا ، ولا يجوز فيها البيع إلا عينا إلا فيما يجوز فيه السلم كالثياب ، وكما تثبت الثياب مبيعا في الذمة بطريق السلم تثبت دينا مؤجلا في الذمة [ ص: 261 ] على أنها ثمن ، وحينئذ يشترط الأجل لا لأنها ثمن بل لتصير ملحقة بالسلم في كونها دينا في الذمة ، فلذا قلنا إذا باع عبدا بثوب موصوف في الذمة إلى أجل جاز . ويكون بيعا في حق العبد حتى لا يشترط قبضه في المجلس ، بخلاف ما لو أسلم الدراهم في الثوب ، وإنما ظهرت أحكام المسلم فيه في الثوب حتى شرط فيه الأجل وامتنع بيعه قبل قبضه لإلحاقه بالمسلم فيه أو مكيل أو موزون أو عددي متقارب كالبيض ، فإن قوبلت بالنقود فهي مبيعات أو بأمثالها من المثليات ، فما كان موصوفا في الذمة فهو ثمن ، وما كان معينا فمبيع ، فإن كان كل منهما معينا . فما صحبه حرف الباء أو لفظ على كان ثمنا والآخر مبيعا . وقال خواهر زاده رحمه الله في شهادات الجامع : المكيل والموزون إذا لم يكن معينا فهو ثمن دخل عليه حرف الباء أو لم يدخل ، فلذا لو قال اشتريت منك كذا حنطة بهذا العبد لا يصح إلا بطريق السلم فيجب أن يضرب الأجل للحنطة .
واعلم أن التقدير المشروط قد يكون عرفا كما يكون نصا في الفتاوى لو قال : اشتريت منك هذا الثوب أو هذه الدار أو هذه البطيخة بعشرة ولم يقل دنانير أو دراهم ، إن كان في البلد يبتاع الناس بالدنانير والدراهم والفلوس ينعقد البيع في الدار بعشرة دنانير وفي الثوب بعشرة دراهم وفي البطيخة بعشرة أفلس ، وإن كان في بلد لا يبتاع الناس بهذه الجملة ينصرف إلى ما يبتاع الناس بذلك النقد انتهى .
وحاصل هذا أنه إذا صرح بالعدد فتعين المعدود من كونها دراهم أو دنانير أو فلوسا يثبت على ما يناسب المبيع ، ووقع شك يناسب المبيع وجب أن لا يتم البيع