ذكر كسرى أبرويز قتل
[ ص: 446 ] كان قد طغى لكثرة ماله وما فتحه من بلاد العدو ومساعدة الأقدار وشره على أموال الناس ، ففسدت قلوبهم . كسرى
وقيل : كانت له اثنا عشر ألف امرأة ، وقيل : ثلاثة آلاف امرأة ، يطؤهن ، وألوف جوار ، وكان له خمسون ألف دابة ، وكان أرغب الناس في الجواهر والأواني وغير ذلك .
وقيل : إنه أمر أن يحصى ما جبي من خراج بلاده في سنة ثماني عشرة من ملكه ، فكان من الورق مائة ألف ألف مثقال وعشرون ألف ألف مثقال ، وإنه احتقر الناس وأمر رجلا اسمه زاذان بقتل كل مقيد في سجونه ، فبلغوا ستة وثلاثين ألفا ، فلم يقدم زاذان على قتلهم ، فصاروا أعداء له ، وكان أمر بقتل المنهزمين من الروم فصاروا أيضا أعداء له ، واستعمل رجلا على استخلاص بواقي الخراج ، فعسف الناس وظلمهم ، ففسدت نياتهم ، ومضى ناس من العظماء إلى بابل ، فأحضروا ولده شيرويه بن أبرويز ، فإن كان قد ترك أولاده بها ومنعهم من التصرف ، وجعل عندهم من يؤدبهم ، فوصل إلى كسرى بهرسير فدخلها ليلا فأخرج من كان في سجونها ، واجتمع إليه أيضا الذين كان أمر بقتلهم ، فنادوا قباذ شاهنشاه ، وساروا حين أصبحوا إلى رحبة كسرى ، فهرب حرسه ، خرج كسرى إلى بستان قريب من قصره هاربا فأخذ أسيرا ، وملكوا ابنه ، فأرسل إلى أبيه يقرعه بما كان منه ، ثم قتلته الفرس وساعدهم ابنه ، وكان ملكه ثمانيا وثلاثين سنة . كسرى
ولمضي اثنتين وثلاثين سنة وخمسة أشهر وخمسة عشر يوما هاجر النبي - صلى الله عليه وسلم - من مكة إلى المدينة .
قيل : وكان لكسرى أبرويز ثمانية عشر ولدا ، وكان أكبرهم شهريار ، وكانت شيرين قد تبنته ، فقال المنجمون لكسرى : إنه سيولد لبعض ولدك غلام يكون خراب هذا المجلس وذهاب الملك على يديه ، وعلامته نقص في بعض بدنه ، فمنع ولده عن النساء لذلك حتى شكا شهريار إلى شيرين الشبق ، فأرسلت إليه جارية كانت تحجمها ، وكانت [ ص: 447 ] تظن أنها لا تلد ، فلما وطئها علقت بيزدجرد فكتمته خمس سنين ، ثم إنها رأت من رقة للصبيان حين كبر فقالت : أيسرك أن ترى لبعض بنيك ولدا ؟ قال : نعم ، فأتته كسرى بيزدجرد ، فأحبه وقربه ، فبينما هو يلعب ذات يوم ذكر ما قيل ، فأمر به ، فجرد من ثيابه ، فرأى النقص في أحد وركيه فأراد قتله ، فمنعته شيرين وقالت : إن كان الأمر في الملك قد حضر فلا مرد له ، فأمرت به فحمل إلى سجستان ، وقيل : بل تركته في السواد في قرية يقال لها خمانية . ولما قتل كسرى أبرويز بن هرمز ملك ابنه شيرويه .