الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( وتصرف الراهن في الرهن لا يصح ، إلا بالعتق . فإنه ينفذ وتؤخذ منه قيمته رهنا مكانه ) . إذا تصرف الراهن في الرهن ، فلا يخلو : إما أن يكون بالعتق ، أو بغيره . فإن كان بالعتق : فالصحيح من المذهب : أنه ينفذ . وسواء كان موسرا أو معسرا . وعليه جماهير الأصحاب . ونص عليه في المعسر . [ ص: 154 ] قال الزركشي : وهو المشهور . والمختار من الروايات للأكثرين . ويحتمل أن لا ينفذ عتق المعسر . ذكره في المحرر تخريجا . وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله . وقدمه في بعض نسخ المقنع كذلك اختارها أبو محمد الجوزي . قلت : وهو قوي في النظر . وهي طريقة بعض الأصحاب ، إن كان المعتق معسرا استسعى العبد بقدر قيمته تجعل رهنا . وقيل : لا يصح عتق الموسر أيضا . وذكره في المبهج ، وغيره رواية . واختاره صاحب المبهج . وقال في الفائق : وعنه لا ينفذ عتق الموسر بغيره . واختاره شيخنا . يعني به الشيخ تقي الدين رحمه الله . فعلى المذهب في الموسر : يؤخذ منه قيمته رهنا . على الصحيح من المذهب . وخيره أبو بكر في التنبيه بين الرجوع بقيمته وبين أخذ عبد مثله . وعلى المذهب في المعسر : متى أيسر بقيمته قبل حلول الدين : أخذت ، وجعلت رهنا . وأما بعد الحلول : فلا فائدة في أخذها رهنا . بل يؤمر بالوفاء .

فائدتان

إحداهما : حيث قلنا : يأخذ القيمة . فإنها تكون وقت العتق . وحيث قلنا : لا ينفذ عتقه . فقال الزركشي : ظاهر كلام الأصحاب : أنه لا ينفذ بعد زوال الرهن . وفي الرعاية : احتمال بالنفوذ .

الثانية : يحرم على الراهن عتقه . على الصحيح من المذهب . وعليه الأصحاب وعنه لا يحرم . ويأتي إذا أقر بعتقه أو بيعه أو غيرهما ، في كلام المصنف قريبا . وإن كان تصرف الراهن بغير العتق : لم يصح تصرفه مطلقا . على الصحيح من المذهب . وعليه جماهير الأصحاب . [ ص: 155 ] قال المصنف هنا : وهو أصح . وجزم به كثير منهم . وقيل : يصح وقفه . وقال القاضي ، وجماعة : يصح تزويج الأمة . ويمنع الزوج من وطئها ، ومهرها رهن معها . وقاله أبو بكر . وذكره عن الإمام أحمد . واختاره ابن عبدوس في تذكرته . وأطلقهما في التلخيص ، والحاويين ، والفائق . وفي طريقة بعض الأصحاب : يصح بيع الراهن للرهن ويلزمه . ويقف لزومه في حق المرتهن . كبيع الخيار . وتقدم في كتاب الزكاة حكم إخراجها من المرهون .

التالي السابق


الخدمات العلمية