الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        إذا استعار العين المغصوبة من الغاصب ، وتلفت في يده ، غرم المالك من شاء [ ص: 433 ] منهما قيمته يوم التلف ، وقرار الضمان على المستعير . فإن كانت قيمته قبل يوم التلف أكثر ، نظر ، إن كانت الزيادة في يد المعير الغاصب ، لم يطالب بها غيره . وإن كانت في يد المستعير ، فإن قلنا : العارية تضمن بأقصى القيم ، فهي كقيمته يوم التلف ، وإلا فالزيادة كبدل المنافع . وحكم بدل المنافع أن ما تلف منها تحت يده ، فقرار الضمان على المعير ؛ لأن يد المستعير في المنافع ليست يد الضمان .

                                                                                                                                                                        والتي استوفاها بنفسه فيها قولان . أظهرهما : على المستعير ، لمباشرته الإتلاف ، والمستعير من المستأجر من الغاصب ، حكمه حكم المستعير من الغاصب إن ضمنا المستعير من المستأجر ، وإلا فيرجع بالقيمة التي غرمها على المستأجر ويرجع المستأجر على الغاصب .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        إذا أركب وكيله الذي استعمله في شغله دابة الموكل ، وسيره إلى موضع ، فتلفت الدابة في يده بلا تفريط ، فلا ضمان ؛ لأنه لم يأخذها لغرض نفسه ، وكذا لو سلمها إلى رائض ليروضها ، أو كان له عليها متاع نفيس فأركب إنسانا فوقه إحرازا للمال ، فلا ضمان .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        لو وجد من أعيا في الطريق فأركبه فتلفت الدابة ، فالمذهب أنه يضمن ، سواء التمس الراكب أو ابتدأه المركب ، ومال الإمام إلى أنه لا يضمن ، وجعل الغزالي هذا وجها ، وزعم أنه الأصح ، والمعروف الأول ، وهو الصواب . ولو أركبه مع نفسه ، فعلى الرديف نصف الضمان ، ورأى الإمام أنه لا شيء عليه ، تشبيها بالضيف . وعلى المذهب : لو وضع متاعه على دابة رجل ، وقال الواضع : سيرها ، [ ص: 434 ] ففعل ، كان صاحب المتاع مستعيرا من الدابة بقسط متاعه مما عليها ، حتى لو كان عليها مثل متاعه فتلفت ; ضمن نصف الدابة . ولو لم يقل الواضع : سيرها لكن سيرها المالك ، لم يكن الواضع مستعيرا ، بل يدخل المتاع في ضمان صاحب الدابة ؛ لأنه كان حقه أن يطرحه . ولو كان لأحد الرفيقين في السفر دابة ، وللآخر متاع ، فقال صاحب المتاع للآخر : احمل متاعي على دابتك ، فأجابه ، فصاحب المتاع مستعير ، ولو قال صاحب الدابة : أعطني متاعك لأضعه على الدابة ، فهو مستودع متاعه ، ولا تدخل الدابة في ضمان صاحب المتاع ، ذكره البغوي .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        استعار دابة ليركبها إلى موضع ، فجاوزه ، فهو متعد من حين المجاوزة ، وعليه أجرة المثل ذهابا من ذلك الموضع ورجوعا إليه . وفي لزوم أجرة المثل من ذلك الموضع إلى أن يرجع إلى البلد الذي استعار منه ، وجهان . فإن أوجبناها ، فليس له الركوب من ذلك الموضع ، بل يسلمه إلى قاضي الموضع الذي استعار إليه .

                                                                                                                                                                        قلت : الأصح .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        أودعه ثوبا وقال : إن شئت أن تلبسه فالبسه ، فهو بعد اللبس عارية ، وقبله وديعة على الصحيح ، وقيل : عارية ؛ لأنه مقبوض لتوقع نفع كالمقبوض بالسوم . قال صاحب " التقريب " : ولو قيل : لا ضمان في السوم تخريجا من هذا ، لم يبعد .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية