الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        المسألة الثالثة : إذا قال : أليس لي عليك ألف ؟ فقال : بلى ، كان إقرارا . وإن قال : نعم ، فوجهان .

                                                                                                                                                                        وقطع البغوي وغيره ، بأنه ليس بإقرار كما هو مقتضاه في اللغة . وقطع الشيخ أبو محمد والمتولي بأنه إقرار ، وصححه الإمام والغزالي ؛ لأن الإقرار يحمل على مفهوم أهل العرف ، لا على دقائق العربية .

                                                                                                                                                                        قلت : هذا الثاني هو الأصح ، وصححه الرافعي في " المحرر " . والله أعلم .

                                                                                                                                                                        ولو قال : هل لي عليك ألف ؟ فقال : نعم ، فإقرار .

                                                                                                                                                                        الرابعة : إذا قال : اشتر مني عبدي هذا ، فقال : نعم ، فهو إقرار منه للقائل ، كما لو قال : أعتق عبدي هذا ، فقال : نعم . ويمكن أن يجيء فيه خلاف مما سبق في الصلح ، كقوله : بعنيه . ولو قال : اشتر مني هذا العبد ، ولم يقل : عبدي ، فالتصديق بـ " نعم " يقتضي الاعتراف بأنه يملك بيعه ، لا أنه يملك العبد . ولو ادعى عليه عبدا ، فقال : اشتريته من وكيلك فلان ، فهو إقرار له ، ويحلف المدعي أنه ما وكل فلانا في بيع .

                                                                                                                                                                        الخامسة : لو قال : له علي ألف في علمي ، أو فيما أعلم ، أو أشهد ، فهي إقرار .

                                                                                                                                                                        السادسة : قال : كان علي ألف ، أو كانت هذه الدار في السنة الماضية له ، فهل هو إقرار في الحال عملا بالاستصحاب ، أم لا ؛ لأنه غير معترف في الحال ؟ وجهان .

                                                                                                                                                                        قلت : ينبغي أن يكون أصحهما الثاني ، وقد أشار إلى تصحيحه الجرجاني . والله أعلم .

                                                                                                                                                                        ويقرب منه الخلاف ، فيما لو قال : هذه داري أسكنت فيها فلانا ، ثم أخرجته [ ص: 368 ] منها ، فهو إقرار باليد على الأصح ؛ لأنه اعترف بثبوتها وادعى زوالها . وقال أبو علي الزجاجي : ليس بإقرار ؛ لأنه لم يعترف بيد فلان إلا من جهته . ولو قال : ملكتها من زيد ، فهو إقرار ، بملكها لزيد ، ودعوى انتقالها منه ، فإن لم يصدقه زيد ، لزمه ردها إليه .

                                                                                                                                                                        قلت : ولو قال : ملكتها على يد زيد ، لم يكن إقرارا له بها ؛ لأن معناه : كان زيد وكيلا ، قاله البغوي . والله أعلم .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية