الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        فصل

                                                                                                                                                                        له جارية ذات ولد ، فقال : هذا ولدي من هذه الجارية ، ثبت نسبه عند الإمكان . وفي كون الجارية أم ولد ، قولان . ويقال : وجهان .

                                                                                                                                                                        أظهرهما عند الشيخ أبي حامد وجماعة : نعم . وأشبههما بالقاعدة ، وأقربهما إلى القياس : لا ، لاحتمال أنه أولدها بنكاح ثم ملكها . ولو قال : ولدي استولدتها به في ملكي ، أو علقت به في ملكي ، إن قطع الاحتمال ، وكانت أم ولد قطعا . وكذا لو قال : هذا ولدي منها ، وهي في ملكي من عشر سنين ، وكان الولد ابن سنة . وهذا كله إذا لم تكن الأمة مزوجة ، ولا فراشا له ، أما إذا كانت مزوجة ، فلا ينسب الولد إلى السيد ، ولا أثر لاستلحاقه ، للحوقه بالزوج . وإن كانت فراشا له ، فإن أقر بوطئها ، لحقه الولد بالفراش ، لا بالإقرار ، فلا يعتبر فيه إلا الإمكان . ولا فرق في الاستلحاق بالاستيلاد ، بين أن يكون في الصحة ، أو في المرض ؛ لأن إنشاءه نافذ في الحالين .

                                                                                                                                                                        [ ص: 417 ] فرع

                                                                                                                                                                        له أمتان ، لكل واحدة ولد ، فقال : أحدهما ولدي ، فللأمتين أحوال .

                                                                                                                                                                        أحدها : أن لا تكون واحدة منهما مزوجة ولا فراشا للسيد ، فيؤمر بالتعيين كما لو أقر بطلاق إحدى المرأتين ، فإذا عين أحدهما ، ثبت نسبه وكان حرا وورثه . وهل تصير أمه أم ولد ؟ ينظر ، إن لم يزد على استلحاقه ، فقولان كما قدمناه ، وإن صرح بأنه استولدها به في ملك اليمين ، صارت أم ولد له ، وإن صرح بأنه استولدها في النكاح ، لم تصر ، وإن أضافه إلى وطء شبهة ، فقولان . وإن قال : استولدتها بالزنا مفصولا على الاستلحاق ، لم يقبل ، وكانت أمية الولد على القولين فيما إذا أطلق الاستلحاق ، وإن وصله باللفظ ، قال البغوي : لا يثبت النسب ولا أمية الولد ، وينبغي أن يخرج على قولي تبعيض الإقرار . ولو ادعت الأمة الأخرى أن ولدها هو الذي استلحقه ، وأنها المستولدة ، فالقول قول السيد مع يمينه . وكذا لو بلغ الولد وادعى ، فإن نكل السيد ، حلف المدعي وقضي بمقتضى يمينه . ولو مات السيد قبل التعيين ، قام وارثه مقامه في التعيين ، وحكم تعيينهم حكم تعيينه في النسب والحرية ، والإرث ، وتكون أم المعين مستولدة إن ذكر السيد ما يقتضي ثبوت الاستيلاد ، وإلا سئلوا ، وحكم بيانهم حكم بيان المورث . فإن قالوا : لا نعلم كيف استولد ، فعلى الخلاف فيما إذا أطلق الاستلحاق . وإذا لم يكن وارث ، فهو كما لو أطلق الاستلحاق . ويجوز ظهور الحال للقائف مع موت المستلحق ، بأن كان رآه ، أو يرى قبل الدفن ، أو يرى عصبته فيجد الشبه . فإن عجز عن الاستفادة بالقائف لعدمه ، أو لإلحاقه الولدين به ، أو نفيهما ، أو أشكل الأمر عليه ، أقرعنا بينهما ليعرف الحر منهما ، ولا ينتظر بلوغهما لينتسبا ، بخلاف ما لو تنازع اثنان في ولد ، ولا قائف ؛ لأن الاشتباه هنا في أن الولد أيهما ؟ فلو اعتبرنا الانتساب ، ربما [ ص: 418 ] انتسب جميعا إليه ، فدام الإشكال ، ولا يحكم لمن خرجت قرعته بالنسب والميراث ؛ لأن القرعة لا تعمل فيهما . وهل يوقف نصيب ابن ، بين من خرجت قرعته ، وبين الآخر ؟ وجهان يأتي قريبا بيانهما . وأما الاستيلاد ، فهو على التفصيل السابق ، فإن لم يوجد من السيد ما يقتضيه ، لم يثبت ، وإن وجد ، فهل تحصل أمية الولد في أم ذلك الولد بخروج القرعة ؟ وجهان .

                                                                                                                                                                        أصحهما عند الإمام : لا تحصل .

                                                                                                                                                                        والثاني : تحصل ، وبه قطع الأكثرون .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        حيث ثبت الاستيلاد ، فالولد حر الأصل . لا ولاء عليه ، وحيث لا يثبت ، فعليه الولاء إلا إذا نسبه إلى وطء شبهة وقلنا : لا تصير أم ولد إذا ملكها . وإذا لم يثبت الاستيلاد ومات السيد ، ورث الولد أمه وعتقت عليه . هذا إذا تعين ، لا بالقرعة . وإن كان معه وارث آخر ، عتق نصيبه ولم يشتر .

                                                                                                                                                                        الحال الثاني : إذا كانت الأمتان مزوجتين ، لم يقبل قول السيد ، وولد كل أمة ملحق بزوجها . وإن كانتا فراشا للسيد ، بأن كان أقر بوطئها ، لحقه الولدان بالفراش .

                                                                                                                                                                        الحال الثالث : كانت إحداهما مزوجة ، لم يتعين إقراره في الأخرى ، بل يطالب بالتعيين . فإن عين في ولد الأخرى ، قبل وثبت نسبه ، وإن كانت إحداهما فراشا له ، لم يتعين إقراره في ولدها ، بل يؤمر بالتعيين ، فإن عين في ولد الأخرى ، لحقه بالإقرار ، والولد الآخر يلحق به بالفراش .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية