الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  6793 74 - حدثنا إبراهيم بن موسى، أخبرنا هشام، عن معمر، عن الزهري، أخبرني أنس بن مالك رضي الله عنه أنه سمع خطبة عمر الأخيرة حين جلس على المنبر، وذلك الغد من يوم توفي النبي صلى الله عليه وسلم، فتشهد وأبو بكر صامت لا يتكلم، قال: كنت أرجو أن يعيش رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يدبرنا - يريد بذلك أن يكون آخرهم - فإن يك محمد -صلى الله عليه وسلم - قد مات فإن الله تعالى قد جعل بين أظهركم نورا تهتدون به بما هدى الله محمدا صلى الله عليه [ ص: 280 ] وسلم ، وإن أبا بكر صاحب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثاني اثنين، فإنه أولى المسلمين بأموركم، فقوموا فبايعوه . وكانت طائفة منهم قد بايعوه قبل ذلك في سقيفة بني ساعدة، وكانت بيعة العامة على المنبر .

                                                                                                                                                                                  قال الزهري عن أنس بن مالك: سمعت عمر يقول لأبي بكر يومئذ: اصعد المنبر. فلم يزل به حتى صعد المنبر، فبايعه الناس عامة .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله: " فإنه أولى المسلمين بأموركم " .

                                                                                                                                                                                  وإبراهيم بن موسى بن يزيد الفراء أبو إسحاق الرازي ، يعرف بالصغير، وهو شيخ مسلم أيضا. وهشام هو ابن يوسف ، ومعمر هو ابن راشد .

                                                                                                                                                                                  قوله: (الأخيرة) منصوب على أنه صفة الخطبة، وأما الخطبة الأولى فهي التي خطب بها يوم الوفاة وقال: إن محمدا لم يمت وإنه سيرجع - وهي كالاعتذار من الأولى.

                                                                                                                                                                                  قوله: (وذلك الغد) منصوب على الظرفية؛ أي: إتيانه بالخطبة في الغد من يوم توفي النبي صلى الله عليه وسلم.

                                                                                                                                                                                  قوله: ( وأبو بكر ) الواو فيه للحال.

                                                                                                                                                                                  قوله: (صامت) ؛ أي: ساكت.

                                                                                                                                                                                  قوله: (كنت أرجو) ؛ أي: قال عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه.

                                                                                                                                                                                  قوله: (حتى يدبرنا) بضم الياء الموحدة؛ أي: يموت بعدنا ويخلفنا، يقال: دبرني فلان خلفني، وقد فسره في الحديث بقوله: " يريد بذلك أن يكون آخرهم "، ووقع في رواية عقيل : " ولكن رجوت أن يعيش رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى يدبر أمرنا " بتشديد الباء الموحدة من التدبير.

                                                                                                                                                                                  قوله: (فإن يك محمد صلى الله عليه وسلم ) من كلام عمر رضي الله تعالى عنه.

                                                                                                                                                                                  قوله: (نورا) ؛ أي: قرآنا، ووقع بيانه في رواية معمر عن الزهري في أوائل الاعتصام بلفظ: " وهذا الكتاب الذي هدى الله به رسوله، فخذوا به تهتدوا، فإنما يهدي الله محمدا به " .

                                                                                                                                                                                  قوله: (صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم) ، قال ابن التين : قدم الصحبة لشرفها، ولما كان غيره قد شاركه فيها عطف عليه ما انفرد به أبو بكر وهو كونه ثاني اثنين وهو أعظم فضائله التي استحق بها أن يكون خليفة من بعد النبي صلى الله عليه وسلم، ولذلك قال: فإنه أولى الناس بأموركم.

                                                                                                                                                                                  قوله: (فقوموا) من كلام عمر رضي الله تعالى عنه أيضا يخاطب به الحاضرين من الصحابة.

                                                                                                                                                                                  قوله: (في سقيفة بني ساعدة ) ، السقيفة الساباط والطاق، كانت مكان اجتماعهم للحكومات، وبنو ساعدة بن كعب بن الخزرج ، قال ابن دريد : ساعدة اسم من أسماء الأسد.

                                                                                                                                                                                  قوله: (وكانت بيعة العامة على المنبر) ؛ أي: في اليوم المذكور.

                                                                                                                                                                                  قوله: (قال الزهري عن أنس ) موصول بالإسناد المذكور.

                                                                                                                                                                                  قوله: (صعد المنبر) ، وفي رواية الكشميهني : " حتى أصعده " .

                                                                                                                                                                                  قوله: (فبايعه الناس عامة) ، أراد أن البيعة الثانية كانت أعم وأشهر من البيعة التي وقعت في سقيفة بني ساعدة .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية