الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  6572 20 - حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك ، عن ابن شهاب ، عن عبد الله بن عامر بن ربيعة أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه خرج إلى الشأم ، فلما جاء بسرغ بلغه أن الوباء وقع [ ص: 120 ] بالشأم ، فأخبره عبد الرحمن بن عوف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه ، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه ، فرجع عمر من سرغ ، وعن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله أن عمر إنما انصرف من حديث عبد الرحمن.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله: وإذا وقع بأرض إلخ.

                                                                                                                                                                                  وعبد الله بن مسلمة: القعنبي ، يروي عن مالك بن أنس عن محمد بن مسلم بن شهاب الزهري عن عبد الله بن عامر بن ربيعة العنزي ، حي من اليمن ، ولد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وروى عنه ، وقبض النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو ابن أربع أو خمس سنين ، ومات في سنة تسع وثمانين ، وقيل: خمس وثمانين ، وذكره الذهبي في الصحابة ، وقال: ولد سنة ست من الهجرة ، روى عنه الزهري وغيره ، وقد وعى عن النبي صلى الله عليه وسلم.

                                                                                                                                                                                  والحديث مضى في الطب عن عبد الله بن يوسف ومضى الكلام فيه.

                                                                                                                                                                                  قوله: " خرج إلى الشام " كان خروج عمر رضي الله تعالى عنه إلى الشام في ربيع الثاني سنة ثماني عشرة.

                                                                                                                                                                                  قوله: " بسرغ " بفتح السين المهملة وسكون الراء وبالغين المعجمة ، منصرف وغير منصرف ، وهي قرية في طرف الشام مما يلي الحجاز ، وقال البكري : سرغ : مدينة بالشام ، افتتحها أبو عبيدة بن الجراح رضي الله تعالى عنه ، هي واليرموك والجابية والرمادة متصلة.

                                                                                                                                                                                  قوله: " أن الوباء " بالمد والقصر ، وجمع المقصور أوباء ، وجمع الممدود أوبئة ، وهو المرض العام.

                                                                                                                                                                                  قوله: " فلا تقدموا " بفتح الدال ، قيل: لا يموت أحد إلا بأجله ولا يتقدم ولا يتأخر ، فما وجه النهي عن الدخول والخروج ؟ وأجيب بأنه لم ينه عن ذلك حذرا عليه ، إذ لا يصيبه إلا ما كتب عليه ، بل حذرا من الفتنة في أن يظن أن هلاكه كان من أجل قدومه عليه ، وأن سلامته كانت من أجل خروجه ، وفي التوضيح: ولا يتحيل في الخروج في تجارة أو زيارة أو شبههما ناويا بذلك الفرار منه ، ويبين هذا المعنى قوله - صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنيات. قال: والمعنى في النهي عن الفرار منه كأنه يفر من قدر الله وقضائه ، وهذا لا سبيل إليه لأحد ; لأن قدره لا يغلب.

                                                                                                                                                                                  قوله: " وعن ابن شهاب " موصول بما قبله.

                                                                                                                                                                                  قوله: " عن سالم بن عبد الله " يعني ابن عمر بن الخطاب ، وأشار بهذا إلى أن انصراف عمر رضي الله تعالى عنه من سرغ كان من حديث عبد الرحمن بن عوف ، وروي أن انصرافه كان من أبي عبيدة بن الجراح ، وذلك أنه لما استقبل عمر فقال: جئت بأصحاب رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم تدخلهم أرضا فيها الطاعون الذين هم أئمة يقتدى بهم ؟ فقال عمر رضي الله تعالى عنه: يا أبا عبيدة أشككت ؟ فقال أبو عبيدة : كأني يعقوب إذ قال لبنيه لا تدخلوا من باب واحد فقال عمر : والله لأدخلنها. فقال أبو عبيدة : والله لا تدخلها ، فرده .

                                                                                                                                                                                  وفيه قبول خبر الواحد ، وفيه أنه يوجد عند بعض العلماء ما ليس عند أكبر منه ، قيل: وفيه دليل على تقدم خبر الواحد على القياس ، وموضعه في كتب الأصول.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية