الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  6541 وقال النبي صلى الله عليه وسلم " الأعمال بالنية ".

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  هذا الحديث قد مضى في أول الكتاب مطولا موصولا، وقد بينا هناك اختلاف لفظ العمل، ثم وجه إيراد هذا الحديث هنا الإشارة إلى الرد على من فرق في الإكراه بين القول والفعل، وهو مذهب الظاهرية ، فإنهم فرقوا بينهما، قال ابن حزم : الإكراه قسمان : إكراه على كلام، وإكراه على فعل، فالأول لا يجب به شيء كالكفر والقذف والإقرار بالنكاح والرجعة والطلاق والبيع والابتياع والنذور والأيمان والعتق والهبة وغير ذلك، والثاني على قسمين:

                                                                                                                                                                                  [ ص: 98 ] أحدهما: ما تبيحه الضرورة، كالأكل والشرب، فهذا يبيحه الإكراه، فمن أكره على شيء من ذلك فلا يلزمه شيء ؛ لأنه أتى مباحا له إتيانه، والآخر ما لا تبيحه كالقتل والجراح والضرب وإفساد الأموال، فهذا لا يبيحه الإكراه، فمن أكره على شيء من ذلك لزمه، وفي التوضيح: وقالت طائفة: الإكراه في القول والفعل سواء إذا أسر الإيمان، روي ذلك عن عمر بن الخطاب ، وهو قول مكحول ومالك وطائفة من أهل العراق .

                                                                                                                                                                                  ثم وجه الاستدلال بالحديث المذكور على التسوية بين القول والفعل - وهو الذي عليه الجمهور - هو أن العمل يتناول فعل الجوارح والقلوب والأقوال. فإن قلت: إذا كان كذلك يحتاج كل فعل إلى نية، والمكره لا نية له فلا يؤاخذ.

                                                                                                                                                                                  قلت: له نية، وهي نية عدم الفعل الذي أكره عليه، فإن قلت: ينبغي على هذا أن لا يؤاخذ الناسي والمخطئ في الطلاق والعتاق ونحوهما ; لأنه لا نية لهما.

                                                                                                                                                                                  قلت: بل يؤاخذ فيصح طلاقه، حتى لو قال: اسقني فجرى على لسانه: أنت طالق وقع الطلاق ; لأن القصد أمر باطني لا يوقف عليه، فلا يتعلق الحكم لوجود حقيقته، بل يتعلق بالسبب الظاهر الدال، وهو أهليته، والقصد بالبلوغ والعقل.

                                                                                                                                                                                  فإن قلت: ينبغي على هذا أن يقع طلاق النائم. قلت: المانع هو قوله عليه السلام: " رفع القلم عن ثلاث " .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية