الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (25) قوله: إلا حميما : يجوز أن يكون استثناء متصلا من قوله "شرابا" وهذا واضح. والثاني: أنه منقطع. قال الزمخشري : "يعني لا يذوقون فيها بردا ولا روحا ينفس عنهم حر النار، ولا شرابا يسكن من عطشهم، ولكن يذوقون فيها حميما وغساقا". [ ص: 657 ] قلت: ومكي لما جعله منقطعا جعل البرد عبارة عن النوم، قال: "فإن جعلته النوم كان "حميما" استثناء ليس من الأول". وإنما الذي حمل الزمخشري على الانقطاع مع صدق اسم الشراب على الحميم والغساق وصفه له بقوله "ولا شرابا يسكن من عطشهم" فبهذا القيد صار الحميم ليس من جنس هذا الشراب. وإطلاق البرد على النوم لغة هذيل. وأنشد:


                                                                                                                                                                                                                                      4470- فإن شئت حرمت النساء سواكم وإن شئت لم أطعم نقاخا ولا بردا



                                                                                                                                                                                                                                      وفي كلام بعض الأعراب "منع البرد البرد" قيل: وسمي بذلك لأنه يقطع سورة العطش. والذوق على هذين القولين - أعني كونه روحا ينفس عنهم الحر، وكونه النوم - مجاز. وأما على قول من جعله اسما للشراب البارد المستلذ، ويعزى لابن عباس، وأنشد قول حسان رضي الله عنه:


                                                                                                                                                                                                                                      4471- يسقون من ورد البريص عليهم     بردا يصفق بالرحيق السلسل



                                                                                                                                                                                                                                      وقول الآخر:


                                                                                                                                                                                                                                      4472- أماني من سعدى حسان كأنما     سقتك بها سعدى على ظمأ بردا



                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 658 ] فالذوق حقيقة، إلا أنه يصير فيه تكرار بقوله بعد ذلك: "ولا شرابا".

                                                                                                                                                                                                                                      الثالث: أنه بدل من قوله "ولا شرابا" ، وهو الأحسن لأن الكلام غير موجب. وتقدم خلاف القراء في وغساقا تخفيفا وتثقيلا، والكلام عليه وعلى حميم.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية