الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (9) قوله: من يوم الجمعة : "من" هذه بيان لـ "إذا" وتفسير لها قاله الزمخشري . وقال أبو البقاء : إنها بمعنى "في"، أي: في يوم. وقرأ العامة "الجمعة" بضمتين. وقرأ ابن الزبير وزيد بن علي وأبو حيوة وأبو عمرو في رواية بسكون الميم. فقيل: هي لغة في الأولى وسكنت تخفيفا، وهي لغة تميم. وقيل: هو مصدر بمعنى [ ص: 331 ] الاجتماع. وقيل: لما كان بمعنى الفعل صار كرجل هزأة، أي: يهزأ به، فلما كان في الجمعة معنى التجمع أسكن; لأنه مفعول به في المعنى، أو يشبهه فصار كهزأة الذي يهزأ به. قاله مكي، وكذا قال أبو البقاء : "هو بمعنى المجتمع فيه مثل: رجل ضحكة، أي: يضحك منه". وقال مكي : "يجوز إسكان الميم استخفافا. وقيل: هي لغة". قلت: قد تقدم أنها قراءة، وأنها لغة تميم. وقال الشيخ : "ولغة بفتحها لم يقرأ بها". قلت: قد نقلها قراءة أبو البقاء فقال: "ويقرأ بفتح الميم بمعنى الفاعل، أي: يوم المكان الجامع. مثل: رجل ضحكة، أي: كثير الضحك". وقال مكي قريبا منه، فإنه قال: "وفيه لغة ثالثة بفتح الميم على نسبة الفعل إليها، كأنها تجمع الناس كما يقال: رجل لحنة، إذا كان يلحن الناس، وقرأة، إذا كان يقرئ الناس"، ونقلها قراءة أيضا الزمخشري ، إلا أنه جعل الجمعة بالسكون هو الأصل، وبالمضموم مخففا منه فقال: "يوم الجمعة: يوم الفوج المجموع كقولهم: ضحكة للمضحوك منه. ويوم الجمعة بفتح الميم: يوم الوقت الجامع كقولهم: ضحكة ولعبة، ويوم الجمعة تثقيل للجمعة كما قيل: عسرة في عسرة [ ص: 332 ] وقرئ بهن جميعا"، وتقديره: يوم الوقت الجامع أحسن من تقدير أبي البقاء: يوم المكان الجامع; لأن نسبة الجمع إلى الظرفين مجاز فالأولى إبقاؤه زمانا على حاله.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية