مطلب : في أول من جمع القرآن وسماه مصحفا .
( تنبيهات ) :
( الأول ) : قال السيوطي في مجمع اللغات : أول من جمع القرآن وسماه مصحفا رضي الله عنه . أبو بكر الصديق قريش عند ظهور الاختلاف في اللغات وأول من جمع اللغات في القرآن الشريف على لغة واحدة بلغة رضي الله عنه كما في أوائله . وقال الإمام العلامة عثمان بن عفان الشيخ مرعي في كتابه قلائد المرجان : قد اشتهر أن عثمان رضي الله عنه أول من جمع المصاحف وليس كذلك ، بل أول من جمعها في مصحف واحد رضي الله عنه . أبو بكر الصديق
قال العلماء : كان القرآن في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم مفرقا في صدور الرجال ولم يحفظه إلا ثلاثة : ، زيد بن ثابت ، وأبي بن كعب ، زاد بعضهم وعبد الله بن مسعود وسالم مولى أبي حذيفة رضي الله عنهم .
وقد كتب الناس منه في صحف وفي جريد وخزف وأقتاب وأكتاف وأحجار وغير ذلك ، فلما وقع القتل في أهل اليمامة في خلافة الصديق رضي الله عنه قتل خلق كثير من حملة القرآن ، فجاء رضي الله عنه إلى عمر أبي بكر رضي الله عنه فقال قد علمت من قتل من حملة القرآن وإني أخشى أن يقع [ ص: 412 ] القتل في القراء في المواطن فيذهب كثير من القرآن لا يوعى ، وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن ، فقال : كيف أفعل شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال لعمر : هو والله خير ، فلم يزل يراجع عمر أبا بكر في ذلك إلى أن شرح الله صدر أبي بكر لذلك ، فأرسل إلى ، فقالا : يا زيد بن ثابت زيد أنت رجل شاب وأنت كنت تكتب الوحي ، فتتبع القرآن فاجمعه .
قال زيد : والله لو كلفاني نقل جبل لنقلته ولكان أهون علي مما أمراني به من جمع القرآن ، فقلت لهما : كيف تفعلان شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقالا : هو خير فلم يزالا يراجعاني حتى شرح الله صدرهما .
وإنما اختارا زيدا لما روي عن رضي الله عنهما { ابن عباس جبريل في كل رمضان مرة واحدة . فلما كان العام الذي قبض فيه عرضه عليه مرتين ، فقرأه زيد آخر العرض ، فلذلك اختاراه . قال : فتتبعت القرآن من الرقاع والأكتاف والأقتاب والجريد والصدور ، وروي أنه فقد آخر سورة التوبة { لقد جاءكم رسول } إلى آخرها فوجدها مع لم يجدها مع غيره فألحقها في سورتها . وفي رواية فقدت آية من الأحزاب حين نسخنا الصحف قد كنت أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرؤها فلم أجدها مع أحد إلا خزيمة الأنصاري { خزيمة الأنصاري من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه } فألحقناها في سورتها } . وذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعرض القرآن على البخاري والترمذي أن أبا بكر رضي الله عنه قرن مع زيد ثلاثة من قريش سعيد بن أبي العاص ، وعبد الرحمن بن الحارث ، ، فلما جمعوا القرآن في الصحف أخذها وعبد الله بن الزبير أبو بكر رضي الله عنه فكانت عنده إلى أن مات ، ثم عند إلى أن مات ، فجعلت عند عمر رضي الله عنهما ، فلما كانت خلافة حفصة بنت عمر عثمان رضي الله عنه . قال اختلفت الناس في القراءة رضي الله عنه : اجتمع القراء في زمن أنس عثمان رضي الله عنه من أذربيجان وأرمينية والشام والعراق واختلفوا حتى كاد أن يكون بينهم فتنة ، وسبب الخلاف حفظ كل منهم من مصاحف انتشرت في خلال ذلك في الآفاق كتبت عن الصحابة ، كمصحف ، ومصحف ابن مسعود ، ومصحف [ ص: 413 ] أبي عائشة
. وفي عن البخاري أن أنس قدم على حذيفة عثمان رضي الله عنهم وكان يغازي أهل الشام في فتح أرمينية وأذربيجان مع أهل العراق ، وأفزع اختلافهم في القراءة ، فقال حذيفة لعثمان : أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا اختلاف اليهود والنصارى ، فأرسل عثمان إلى حفصة أن أرسلي إلينا الصحف ننسخها في المصاحف ثم نردها إليك ، فأرسلت بها إليه ، فأمر زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير وسعيد بن أبي العاص وعبد الرحمن بن الحارث وقال للثلاثة إذا اختلفتم أنتم وزيد في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش فإنما نزل بلسانهم ، ففعلوا حتى نسخوا الصحف في المصاحف ثم رد عثمان الصحف إلى حفصة رضي الله عنهم أجمعين وأرسل في كل أفق مصحفا ، وأمر بما سوى ذلك من صحيفة ومصحف فحرق . وروي أن عدة المصاحف التي كتبها عثمان رضي الله عنه أربعة ، وقيل ستة ، وقيل سبعة ، والله تعالى أعلم .