[ ص: 5 ] بسم الله الرحمن الرحيم
ذكر
nindex.php?page=treesubj&link=33731خلافة nindex.php?page=showalam&ids=15490الوليد بن عبد الملك
فلما دفن
nindex.php?page=showalam&ids=16491عبد الملك بن مروان انصرف
الوليد عن قبره ، فدخل المسجد ، وصعد المنبر ، واجتمع إليه الناس ، فخطبهم ، وقال : إنا لله وإنا إليه راجعون ، والله المستعان على مصيبتنا لموت أمير المؤمنين ، والحمد لله على ما أنعم علينا من الخلافة ، قوموا فبايعوا .
وكان أول من عزى نفسه وهنأها ، وكان أول من قام لبيعته
عبد الله بن همام السلولي وهو يقول :
الله أعطاك التي لا فوقها وقد أراد الملحدون عوقها عنك ويأبى الله إلا سوقها
إليك حتى قلدوك طوقها
فبايعه ثم قام الناس لبيعته .
وقيل : إن
الوليد لما صعد المنبر حمد الله ، وأثنى عليه ، ثم قال : أيها الناس ، لا مقدم لما أخر الله ، ولا مؤخر لما قدم ، وهذا كان من قضاء الله وسابق علمه ، وما كتب على أنبيائه وحملة عرشه الموت ، وقد صار إلى منازل الأبرار ولي هذه الأمة بالذي يحق عليه لله من الشدة على المريب ، واللين لأهل الحق والفضل ، وإقامة من أقام الله من منار الإسلام ، وأعلام من حج البيت ، وغزو الثغور ، وشن الغارة على أعداء الله ، فلم يكن عاجزا ولا مفرطا . أيها الناس عليكم بالطاعة ولزوم الجماعة ، فإن الشيطان مع الفرد . أيها الناس من أبدى لنا ذات نفسه ضربنا الذي فيه عيناه ، ومن سكت مات
[ ص: 6 ] بدائه ، ثم نزل ، وكان جبارا عنيدا .
ذكر
nindex.php?page=treesubj&link=33742_33753ولاية قتيبة خراسان وما كان منه هذه السنة
وفي هذه السنة قدم
قتيبة خراسان أميرا عليها
للحجاج ، فقدمها
والمفضل يعرض الجند للغزاة ، فخطب
قتيبة الناس ، وحثهم على الجهاد ، ثم عرضهم وسار ، وجعل
بمرو على حربها
إياس بن عبد الله بن عمرو ، وعلى الخراج
عثمان السعيدي .
فلما كان
بالطالقان أتاه دهاقين
بلخ وساروا معه ، فقطع النهر ، فتلقاه ملك الصغانيان بهدايا ومفاتيح من ذهب ودعاه إلى بلاده ، فمضى معه ، فسلمها إليه ; لأن ملك
آخرون وشومان كان يسيء جواره .
ثم سار
قتيبة منها إلى
آخرون وشومان ، وهما من
طخارستان ، فصالحه ملكها على فدية أداها إليه فقبلها
قتيبة ، ثم انصرف إلى
مرو ، واستخلف على الجند أخاه
صالح بن مسلم ، ففتح
صالح بعد رجوع
قتيبة كاشان وأورشت ، وهي من
فرغانة ، وفتح
أخسيكت ، وهي مدينة
فرغانة القديمة ، وكان معه
nindex.php?page=showalam&ids=17204نصر بن سيار ، فأبلى بلاء حسنا .
وقيل : إن
قتيبة قدم
خراسان سنة خمس وثمانين ، فعرض الجند ، فغزا
آخرون وشومان ، ثم رجع إلى
مرو . وقيل : إنه أقام السنة ، ولم يقطع النهر لسبب
بلخ ، فإن بعضها كان منتقضا عليه فحاربهم ، وكان ممن سبى امرأة
برمك أبي خالد بن برمك ، وكان
برمك على
النوبهار ، فصارت
لعبد الله بن مسلم أخي
قتيبة ، فوقع عليها . ثم إن
أهل بلخ صالحوه ، وأمر
قتيبة برد السبي ، فقالت امرأة
برمك لعبد الله : إني قد علقت منك ، وحضرت
عبد الله بن مسلم الوفاة ، فأوصى أن يلحق به ما في بطنها ، وردت إلى
برمك . فذكر أن ولد
عبد الله بن مسلم جاءوا أيام
المهدي حين قدم
الري إلى
خالد فادعوه . فقال لهم
مسلم بن قتيبة : إنه لا بد لكم إن استلحقتموه ففعل [ من ] أن تزوجوه . فتركوه . وكان
برمك طبيبا .
[ ص: 5 ] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
ذِكْرُ
nindex.php?page=treesubj&link=33731خِلَافَةِ nindex.php?page=showalam&ids=15490الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ
فَلَمَّا دُفِنَ
nindex.php?page=showalam&ids=16491عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ انْصَرَفَ
الْوَلِيدُ عَنْ قَبْرِهِ ، فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ ، وَصَعِدَ الْمِنْبَرَ ، وَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ النَّاسُ ، فَخَطَبَهُمْ ، وَقَالَ : إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ، وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مُصِيبَتِنَا لِمَوْتِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى مَا أَنْعَمَ عَلَيْنَا مِنَ الْخِلَافَةِ ، قُومُوا فَبَايِعُوا .
وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ عَزَّى نَفْسَهُ وَهَنَّأَهَا ، وَكَانَ أَوَّلُ مَنْ قَامَ لِبَيْعَتِهِ
عَبْدَ اللَّهِ بْنَ هَمَّامٍ السَّلُولِيَّ وَهُوَ يَقُولُ :
اللَّهُ أَعْطَاكَ الَّتِي لَا فَوْقَهَا وَقَدْ أَرَادَ الْمُلْحِدُونَ عَوْقَهَا عَنْكَ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا سَوْقَهَا
إِلَيْكَ حَتَّى قَلَّدُوكَ طَوْقَهَا
فَبَايَعَهُ ثُمَّ قَامَ النَّاسُ لِبَيْعَتِهِ .
وَقِيلَ : إِنَّ
الْوَلِيدَ لَمَّا صَعِدَ الْمِنْبَرَ حَمِدَ اللَّهَ ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ : أَيُّهَا النَّاسُ ، لَا مُقَدِّمَ لِمَا أَخَّرَ اللَّهُ ، وَلَا مُؤَخِّرَ لِمَا قَدَّمَ ، وَهَذَا كَانَ مِنْ قَضَاءِ اللَّهِ وَسَابِقِ عِلْمِهِ ، وَمَا كَتَبَ عَلَى أَنْبِيَائِهِ وَحَمَلَةِ عَرْشِهِ الْمَوْتُ ، وَقَدْ صَارَ إِلَى مَنَازِلِ الْأَبْرَارِ وَلِيُّ هَذِهِ الْأُمَّةِ بِالَّذِي يَحِقُّ عَلَيْهِ لِلَّهِ مِنَ الشِّدَّةِ عَلَى الْمُرِيبِ ، وَاللِّينِ لِأَهْلِ الْحَقِّ وَالْفَضْلِ ، وَإِقَامَةِ مَنْ أَقَامَ اللَّهُ مِنْ مَنَارِ الْإِسْلَامِ ، وَأَعْلَامِ مَنْ حَجَّ الْبَيْتَ ، وَغَزْوِ الثُّغُورِ ، وَشَنِّ الْغَارَةِ عَلَى أَعْدَاءِ اللَّهِ ، فَلَمْ يَكُنْ عَاجِزًا وَلَا مُفَرِّطًا . أَيُّهَا النَّاسُ عَلَيْكُمْ بِالطَّاعَةِ وَلُزُومِ الْجَمَاعَةِ ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ مَعَ الْفَرْدِ . أَيُّهَا النَّاسُ مَنْ أَبْدَى لَنَا ذَاتَ نَفْسِهِ ضَرَبْنَا الَّذِي فِيهِ عَيْنَاهُ ، وَمَنْ سَكَتَ مَاتَ
[ ص: 6 ] بِدَائِهِ ، ثُمَّ نَزَلَ ، وَكَانَ جَبَّارًا عَنِيدًا .
ذِكْرُ
nindex.php?page=treesubj&link=33742_33753وِلَايَةِ قُتَيْبَةَ خُرَاسَانَ وَمَا كَانَ مِنْهُ هَذِهِ السَّنَةَ
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ قَدِمَ
قُتَيْبَةُ خُرَاسَانَ أَمِيرًا عَلَيْهَا
لِلْحَجَّاجِ ، فَقَدِمَهَا
وَالْمُفَضَّلُ يَعْرِضُ الْجُنْدَ لِلْغَزَاةِ ، فَخَطَبَ
قُتَيْبَةُ النَّاسَ ، وَحَثَّهُمْ عَلَى الْجِهَادِ ، ثُمَّ عَرَضَهُمْ وَسَارَ ، وَجَعَلَ
بِمُرْوَ عَلَى حَرْبِهَا
إِيَاسَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ، وَعَلَى الْخَرَاجِ
عُثْمَانَ السَّعِيدِيَّ .
فَلَمَّا كَانَ
بِالطَّالْقَانِ أَتَاهُ دَهَاقِينُ
بَلْخٍ وَسَارُوا مَعَهُ ، فَقَطَعَ النَّهْرَ ، فَتَلَقَّاهُ مَلِكُ الصَّغَانَيَانِ بِهَدَايَا وَمَفَاتِيحَ مِنْ ذَهَبٍ وَدَعَاهُ إِلَى بِلَادِهِ ، فَمَضَى مَعَهُ ، فَسَلَّمَهَا إِلَيْهِ ; لِأَنَّ مَلِكَ
آخْرُونَ وَشُومَانَ كَانَ يُسِيءُ جِوَارَهُ .
ثُمَّ سَارَ
قُتَيْبَةُ مِنْهَا إِلَى
آخْرُونَ وَشُومَانَ ، وَهُمَا مِنْ
طَخَارِسْتَانَ ، فَصَالَحَهُ مَلِكُهَا عَلَى فِدْيَةٍ أَدَّاهَا إِلَيْهِ فَقَبِلَهَا
قُتَيْبَةُ ، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى
مَرْوَ ، وَاسْتَخْلَفَ عَلَى الْجُنْدِ أَخَاهُ
صَالِحَ بْنَ مُسْلِمٍ ، فَفَتَحَ
صَالِحٌ بَعْدَ رُجُوعِ
قُتَيْبَةَ كَاشَّانَ وَأُورِشْتَ ، وَهِيَ مِنْ
فَرْغَانَةَ ، وَفَتَحَ
أَخْسَيْكِتَ ، وَهِيَ مَدِينَةُ
فَرْغَانَةَ الْقَدِيمَةِ ، وَكَانَ مَعَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=17204نَصْرُ بْنُ سَيَّارٍ ، فَأَبْلَى بَلَاءً حَسَنًا .
وَقِيلَ : إِنَّ
قُتَيْبَةَ قَدِمَ
خُرَاسَانَ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَمَانِينَ ، فَعَرَضَ الْجُنْدَ ، فَغَزَا
آخْرُونَ وَشُومَانَ ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى
مَرْوَ . وَقِيلَ : إِنَّهُ أَقَامَ السَّنَةَ ، وَلَمْ يَقْطَعِ النَّهْرَ لِسَبَبِ
بِلْخَ ، فَإِنَّ بَعْضَهَا كَانَ مُنْتَقِضًا عَلَيْهِ فَحَارَبَهُمْ ، وَكَانَ مِمَّنْ سَبَى امْرَأَةَ
بَرْمَكَ أَبِي خَالِدِ بْنِ بَرْمَكَ ، وَكَانَ
بَرْمَكُ عَلَى
النُّوبْهَارِ ، فَصَارَتْ
لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمٍ أَخِي
قُتَيْبَةَ ، فَوَقَعَ عَلَيْهَا . ثُمَّ إِنَّ
أَهْلَ بَلْخَ صَالَحُوهُ ، وَأَمَرَ
قُتَيْبَةُ بِرَدِّ السَّبْيِ ، فَقَالَتِ امْرَأَةُ
بَرْمَكَ لِعَبْدِ اللَّهِ : إِنِّي قَدْ عَلِقْتُ مِنْكَ ، وَحَضَرَتْ
عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُسْلِمٍ الْوَفَاةُ ، فَأَوْصَى أَنْ يُلْحَقَ بِهِ مَا فِي بَطْنِهَا ، وَرُدَّتْ إِلَى
بَرْمَكَ . فَذُكِرَ أَنَّ وَلَدَ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمٍ جَاءُوا أَيَّامَ
الْمَهْدِيِّ حِينَ قَدِمَ
الرَّيَّ إِلَى
خَالِدٍ فَادَّعُوهُ . فَقَالَ لَهُمْ
مُسْلِمُ بْنُ قُتَيْبَةَ : إِنَّهُ لَا بُدَّ لَكُمْ إِنِ اسْتَلْحَقْتُمُوهُ فَفَعَلَ [ مِنْ ] أَنْ تُزَوِّجُوهُ . فَتَرَكُوهُ . وَكَانَ
بَرْمَكُ طَبِيبًا .