[ ص: 328 ] ذكر بيسان ووقعة أجنادين فتح
ولما انصرف أبو عبيدة وخالد إلى حمص نزل عمرو وشرحبيل على أهل بيسان ، فافتتحاها وصالحا أهل الأردن ، واجتمع عسكر الروم بغزة وأجنادين وبيسان ، وسار عمرو وشرحبيل إلى الأرطبون ومن معه وهو بأجنادين ، واستخلف على الأردن أبا الأعور ، فنزل بالأرطبون ومعه الروم . وكان الأرطبون أدهى الروم وأبعدها غورا ، وكان قد وضع بالرملة جندا عظيما ، وبإيلياء جندا عظيما . فلما بلغ الخبر قال : قد رمينا عمر بن الخطاب أرطبون الروم بأرطبون العرب ، فانظروا عم تنفرج .
وكان معاوية قد شغل أهل قيسارية عن عمرو ، وكان عمرو قد جعل علقمة بن حكيم الفارسي ومسروق بن فلان العكي على قتال إيلياء ، فشغلوا من به عنه ، وجعل أيضا أبا أيوب المالكي على من بالرملة من الروم ، فشغلهم عنه ، وتتابعت الأمداد من عند عمر إلى عمرو ، فأقام عمرو على أجنادين لا يقدر من الأرطبون على شيء ، ولا تشفيه الرسل ، فسار إليه بنفسه ، فدخل عليه كأنه رسول ، ففطن به الأرطبون وقال : لا شك أن هذا هو الأمير أو من يأخذ الأمير برأيه ، فأمر إنسانا أن يقعد على طريقه ليقتله إذا مر به ، وفطن عمرو لفعله فقال له : قد سمعت مني وسمعت منك ، وقد وقع قولك مني موقعا ، وأنا واحد من عشرة ، بعثنا عمر إلى هذا الوالي لنكانفه ، فأرجع فآتيك بهم الآن ، فإن رأوا الذي عرضت علي الآن فقد رآه الأمير وأهل العسكر ، وإن لم يروه رددتهم إلى مأمنهم . فقال : نعم ، ورد الرجل الذي أمر بقتله . فخرج عمرو من عنده ، وعلم الرومي أنها خدعة اختدعه بها فقال : هذا أدهى الخلق !
وبلغت خديعته فقال : لله در عمر بن الخطاب عمرو ! وعرف عمرو مأخذه فلقيه ، فاقتتلوا بأجنادين قتالا شديدا كقتال اليرموك ، حتى كثرت القتلى بينهم .
وانهزم أرطبون إلى إيلياء ، ونزل عمرو أجنادين ، وأفرج المسلمون الذين يحصرون بيت المقدس لأرطبون ، فدخل إيلياء وأزاح المسلمين عنه إلى عمرو .
وقد تقدم ذكر وقعة أجنادين على قول من يجعلها قبل اليرموك ، وسياقها على غير هذه السياقة ، فلهذا ذكرناها هنالك وهاهنا .