ذكر قبض
nindex.php?page=showalam&ids=14917الفضل بن مروان
وكان
nindex.php?page=showalam&ids=14917nindex.php?page=treesubj&link=33800_33764الفضل بن مروان من البردان ، وكان حسن الخط ، فاتصل
بيحيى الجرمقاني كاتب المعتصم ، قبل خلافته ، فكان يكتب بين يديه ، فلما هلك
الجرمقاني صار موضعه ، وسار مع
المعتصم إلى
الشام ،
ومصر ، فأخذ من الأموال الكثير ، فلما صار
المعتصم خليفة كان اسمها له ، وكان معناها
للفضل ، واستولى على الدواوين كلها ، وكنز الأموال .
وكان
المعتصم يأمره بإعطاء المغني والنديم ، فلا ينفذ الفضل ذلك ، فثقل على
المعتصم ، وكان له
مضحك اسمه إبراهيم ، يعرف بالهفتي ، فأمر له
المعتصم بمال ، وتقدم إلى
الفضل بإعطائه ، فلم يعطه شيئا ، فبينا
الهفتي يوما عند
المعتصم ، يمشي معه في بستان له ، وكان
الهفتي يصحبه قبل الخلافة ، ويقول له فيما يداعبه : والله لا تفلح أبدا ، وكان مربوعا بدينا ، وكان
المعتصم خفيف اللحم ؛ فكان يسبقه ، ويلتفت إليه ويقول : ما لك لا تسرع المشي ؟ فلما أكثر عليه من ذلك ، قال
الهفتي مداعبا له : كنت
[ ص: 17 ] أراني أماشي خليفة ، ولم [ أكن ] أراني أماشي فيجا ، والله لا أفلحت أبدا ! فضحك
المعتصم وقال : وهل بقي من الفلاح شيء لم أدركه بعد الخلافة ؟ فقال : أتظن أنك أفلحت ؟ لا والله ، ما لك من الخلافة إلا اسمها ، ما يتجاوز أمرك أذنيك ، إنما الخليفة
الفضل ، فقال : وأي أمر لي لم ينفذ ؟ فقال
الهفتي : أمرت لي بكذا وكذا منذ شهرين ، فما أعطيت حبة ، فحقدها على
الفضل .
فقيل : أول ما أحدثه في أمره جعل زماما في نفقات الخاصة ، وفي الخراج ، وجميع الأعمال ، ثم نكبه وأهل بيته في صفر ، وأمرهم بعمل حسابهم ، وصير مكانه
nindex.php?page=showalam&ids=12745محمد بن عبد الملك الزيات ، فنفى
الفضل إلى قرية في طريق
الموصل تعرف
بالسن ، وصار
محمد وزيرا كاتبا .
وكان
الفضل شرس الأخلاق ، ضيق العطن ، كريه اللقاء ، بخيلا ، مستطيلا ، فلما نكب شمت به الناس ، حتى قال بعضهم فيه :
ليبك على nindex.php?page=showalam&ids=14917الفضل بن مروان نفسه فليس له باك من الناس يعرف لقد صحب الدنيا منوعا لخيرها
وفارقها وهو الظلوم المعنف إلى النار فليذهب ، ومن كان مثله
على أي شيء فاتنا منه نأسف ؟
ذِكْرُ قَبْضِ
nindex.php?page=showalam&ids=14917الْفَضْلِ بْنِ مَرْوَانَ
وَكَانَ
nindex.php?page=showalam&ids=14917nindex.php?page=treesubj&link=33800_33764الْفَضْلُ بْنُ مَرْوَانَ مِنَ الْبَرَدَانِ ، وَكَانَ حَسِنَ الْخَطِّ ، فَاتَّصَلَ
بِيَحْيَى الْجُرْمُقَانِيِّ كَاتِبِ الْمُعْتَصِمِ ، قَبْلَ خِلَافَتِهِ ، فَكَانَ يَكْتُبُ بَيْنَ يَدَيْهِ ، فَلَمَّا هَلَكَ
الْجُرْمُقَانِيُّ صَارَ مَوْضِعَهُ ، وَسَارَ مَعَ
الْمُعْتَصِمِ إِلَى
الشَّامِ ،
وَمِصْرَ ، فَأَخَذَ مِنَ الْأَمْوَالِ الْكَثِيرَ ، فَلَمَّا صَارَ
الْمُعْتَصِمُ خَلِيفَةً كَانَ اسْمُهَا لَهُ ، وَكَانَ مَعْنَاهَا
لِلْفَضْلِ ، وَاسْتَوْلَى عَلَى الدَّوَاوِينِ كُلِّهَا ، وَكَنْزِ الْأَمْوَالِ .
وَكَانَ
الْمُعْتَصِمُ يَأْمُرُهُ بِإِعْطَاءِ الْمُغَنِّي وَالنَّدِيمِ ، فَلَا يُنَفِّذُ الْفَضْلُ ذَلِكَ ، فَثَقُلَ عَلَى
الْمُعْتَصِمِ ، وَكَانَ لَهُ
مُضْحِكٌ اسْمُهُ إِبْرَاهِيمُ ، يُعْرَفُ بِالْهَفْتِيِّ ، فَأَمَرَ لَهُ
الْمُعْتَصِمُ بِمَالٍ ، وَتَقَدَّمَ إِلَى
الْفَضْلِ بِإِعْطَائِهِ ، فَلَمْ يُعْطِهِ شَيْئًا ، فَبَيْنَا
الْهَفْتِيُّ يَوْمًا عِنْدَ
الْمُعْتَصِمِ ، يَمْشِي مَعَهُ فِي بُسْتَانٍ لَهُ ، وَكَانَ
الْهَفْتِيُّ يَصْحَبُهُ قَبْلَ الْخِلَافَةِ ، وَيَقُولُ لَهُ فِيمَا يُدَاعِبُهُ : وَاللَّهِ لَا تُفْلِحُ أَبَدًا ، وَكَانَ مَرْبُوعًا بَدِينًا ، وَكَانَ
الْمُعْتَصِمُ خَفِيفَ اللَّحْمِ ؛ فَكَانَ يَسْبِقُهُ ، وَيَلْتَفِتُ إِلَيْهِ وَيَقُولُ : مَا لَكَ لَا تُسْرِعُ الْمَشْيَ ؟ فَلَمَّا أَكْثَرَ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ ، قَالَ
الْهَفْتِيُّ مُدَاعِبًا لَهُ : كُنْتُ
[ ص: 17 ] أَرَانِي أُمَاشِي خَلِيفَةً ، وَلَمْ [ أَكُنْ ] أَرَانِي أُمَاشِي فَيْجًا ، وَاللَّهِ لَا أَفْلَحْتَ أَبَدًا ! فَضْحِكَ
الْمُعْتَصِمُ وَقَالَ : وَهَلْ بَقِيَ مِنَ الْفَلَاحِ شَيْءٌ لَمْ أُدْرِكْهُ بَعْدَ الْخِلَافَةِ ؟ فَقَالَ : أَتَظُنُّ أَنَّكَ أَفْلَحْتَ ؟ لَا وَاللَّهِ ، مَا لَكَ مِنِ الْخِلَافَةِ إِلَّا اسْمُهَا ، مَا يَتَجَاوَزُ أَمْرُكَ أُذُنَيْكَ ، إِنَّمَا الْخَلِيفَةُ
الْفَضْلُ ، فَقَالَ : وَأَيُّ أَمْرٍ لِي لَمْ يُنَفَّذْ ؟ فَقَالَ
الْهَفْتِيُّ : أَمَرْتَ لِي بِكَذَا وَكَذَا مُنْذُ شَهْرَيْنِ ، فَمَا أُعْطِيتُ حَبَّةً ، فَحَقَدَهَا عَلَى
الْفَضْلِ .
فَقِيلَ : أَوَّلُ مَا أَحْدَثَهُ فِي أَمْرِهِ جَعَلَ زِمَامًا فِي نَفَقَاتِ الْخَاصَّةِ ، وَفِي الْخَرَاجِ ، وَجَمِيعِ الْأَعْمَالِ ، ثُمَّ نَكَّبَهُ وَأَهْلَ بَيْتِهِ فِي صَفَرَ ، وَأَمَرَهُمْ بِعَمَلِ حِسَابِهِمْ ، وَصَيَّرَ مَكَانَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12745مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ الزَّيَّاتَ ، فَنَفَى
الْفَضْلَ إِلَى قَرْيَةٍ فِي طَرِيقِ
الْمَوْصِلِ تُعْرَفُ
بِالسِّنِّ ، وَصَارَ
مُحَمَّدٌ وَزِيرًا كَاتِبًا .
وَكَانَ
الْفَضْلُ شَرِسَ الْأَخْلَاقِ ، ضَيِّقَ الْعَطَنِ ، كَرِيهَ اللِّقَاءِ ، بَخِيلًا ، مُسْتَطِيلًا ، فَلَمَّا نُكِبَ شَمِتَ بِهِ النَّاسُ ، حَتَّى قَالَ بَعْضُهُمْ فِيهِ :
لِيَبْكِ عَلَى nindex.php?page=showalam&ids=14917الْفَضْلِ بْنِ مَرْوَانَ نَفْسُهُ فَلَيْسَ لَهُ بَاكٍ مِنَ النَّاسِ يُعْرَفُ لَقَدْ صَحِبَ الدُّنْيَا مَنُوعًا لِخَيْرِهَا
وَفَارَقَهَا وَهُوَ الظَّلُومُ الْمُعَنَّفُ إِلَى النَّارِ فَلْيَذْهَبْ ، وَمَنْ كَانَ مِثْلَهُ
عَلَى أَيِّ شَيْءٍ فَاتَنَا مِنْهُ نَأْسَفُ ؟