الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت إن قال لها أنت طالق وليس عليه بينة ، ولم يرد الطلاق بقوله : أنت طالق وإنما أراد بقوله ذلك طالق من وثاق ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لم أسمع من مالك في هذا بعينه شيئا ، ولكن سمعت مالكا يقول في الذي يقول لامرأته أنت برية ، كلام مبتدأ ولم ينو به الطلاق إنها طالق ولا ينفعه ما أراد من ذلك ، وقال في رجل قال لامرأته أنت طالق ألبتة ، فقال والله ما أردت بقولي ألبتة طلاقها وإنما أردت الواحدة إلا أن لساني زل فقلت ألبتة ، قال مالك : هي ثلاث ألبتة ، قال مالك واجتمع رأيي فيها ورأي غيري من فقهاء المدينة أنها ثلاث ألبتة . [ ص: 292 ]

                                                                                                                                                                                      قلت : لابن القاسم : ليس هذا مما يشبه مسألتي ; لأن هذا لم تكن له نية في البتة ، والذي سألتك عنه في الذي قال لها أنت طالق له نية أنها طالق من وثاق ؟

                                                                                                                                                                                      قال : نعم ، ولكن مسألتك تشبه البرية التي أخبرتك بها .

                                                                                                                                                                                      قلت : وهذا أيضا الذي قال : ألبتة في فتيا مالك قد كان عليه الشهود فلهذا لم ينوه مالك ، والذي سألت عنه من أمر الطلاق ليس على الرجل شهادة وإنما جاء مستفتيا ولم تكن عليه بينة .

                                                                                                                                                                                      قلت : وسمعت مالكا قال يؤخذ الناس في الطلاق بلفظهم ، ولا تنفعهم نياتهم في ذلك إلا أن يكون جوابا لكلام كان قبله ، فيكون كما وصفت لك ، ومسألتك في الطلاق وهو هذا بعينه ، والذي أخبرتك عنه أن مالكا قال يؤخذ الناس في الطلاق بألفاظهم ولا تنفعهم نياتهم وأراها طالقا ، قال : وسمعت مالكا يسأل عن رجل قال لامرأته أنت طالق تطليقة ينوي لا رجعة لي عليك فيها ؟

                                                                                                                                                                                      قال مالك : إن لم يكن أراد بقوله لا رجعة لي عليك البتات يعني الثلاث فهي واحدة ويملك رجعتها ، وقوله لا رجعة لي عليك ونيته باطل

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية