الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت لو أن نصرانيا أعتق عبدا له إلى أجل من الآجال وأسلم العبد قبل محل الأجل ؟

                                                                                                                                                                                      قال : أرى ذلك مثل تدبير النصراني وكتابته أن العبد إذا أسلم يؤاجر المدبر وتباع كتابة المكاتب فكذلك المعتق إلى أجل هو أثبت أنه يؤاجر فإن مضى الأجل كان حرا .

                                                                                                                                                                                      قلت : ولمن ولاؤه ؟

                                                                                                                                                                                      قال : للمسلمين ما دام سيده على نصرانيته .

                                                                                                                                                                                      قلت : فإن أسلم النصراني أيرجع إليه الولاء ؟

                                                                                                                                                                                      قال : نعم . [ ص: 562 ] قلت : ولم رددت إليه الولاء والعتق حين وقع وقع والعبد مسلم فلم لا تجعل ولاءه لجميع المسلمين ولا ترده إلى النصراني بعد ذلك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لأن حرمته إنما تمت له اليوم بما عقد له قبل اليوم ألا ترى لو أن عبدا أعتق عبدا له بغير إذن سيده ثم أعتقه سيده وهو لا يعلم بما صنع عبده لزم العبد عتق عبده بما صنع وولاؤه يرجع إليه ليس لسيده منه شيء .

                                                                                                                                                                                      قلت : ولا يشبه عبد العبد هذا ما هنا لأن عبد العبد قد تمت حرمته حين أعتقه العبد الأسفل . قال لا من قبل أن حرمته لم تكن تامة إلا من بعد ما أعتق السيد عبده الأعلى فهنالك تمت حرمة العبد الأسفل وهذا قول مالك ، فهذا يدلك على جميع مسائلك أنك إنما تنظر في هذا كله إلى عقد العتق يوم وقع فإن كان المعتق نصرانيا أو سيده نصراني فأسلم العبد بعد ذلك فإن سيده إن أسلم رجع إليه ولاؤه وإن كان يوم عقد له العتق كان العبد مسلما فبتل له عتقه أو أعتقه إلى أجل ، فأسلم السيد قبل مضي الأجل فإنه لا شيء له من ولائه إنما ينظر في هذا إلى عقد العتق يوم عقده السيد كان العتق إلى أجل أو باتا فإن كان العبد يومئذ مسلما والسيد نصراني لم يسلم فلا شيء للسيد من الولاء فإن كان العبد نصرانيا يومئذ والسيد نصراني يومئذ فأسلم العبد وأسلم السيد النصراني فإن الولاء يرجع إليه .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية