الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      قلت : فإن كاتب أحدهما نصيبه بغير إذن شريكه ثم كاتب شريكه بعد ذلك بغير إذن شريكه أيضا لم يعلم أحدهما بكتابة صاحبه ، قال : أراه غير جائز إذا لم يكن يكاتباه جميعا كتابة واحدة ; لأن كل واحد منهما كاتبه بخلاف كتابة الآخر فصار أن يأخذ حقه إذا حل دون صاحبه ، فليس هذا وجه الكتابة ولو كان هذا جائزا لأخذ أحدهما ماله دون صاحبه بغير إذن شريكه ، ألا ترى أنهما في أصل الكتابة لم يشتركا بالكتابة ولو كان هذا جائزا لجاز إذا كاتباه جميعا كتابة واحدة أن يأخذ أحدهما ماله دون صاحبه بغير إذن شريكه ، فأرى الكتابة مفسوخة ههنا كان ما كاتباه عليه شيئا واحدا أو مختلفا ، ويبتدئان الكتابة جميعا إن أحبا .

                                                                                                                                                                                      قال سحنون : وقال غيره من الرواة : إذا كاتب أحدهما بعد الآخر وكان الذي كاتباه عليه مختلفا وأجلهما مختلف ، مثل أن يكاتبه أحدهما بمائة دينار إلى سنتين ، ويكاتبه الآخر بمائتين إلى سنة فإنه يقال للذي كاتبه بمائتين إلى سنة : أترضى أن تحط عنه المائة الواحدة وتؤخره بالأخرى إلى أجل مائة صاحبك فيكون لكما عليه مائة مائة إلى أجل واحد ، فإن فعل جازت الكتابة وإن أبى فسخت ; لأن الذي له عليه مائة إلى سنتين يقول : لا يأخذ هذا مائتيه عند حلول السنة ولا يجد ما يعطيني عند السنتين ، ويقول : لا تأخذ من عبد بيني وبينك أكثر مما آخذ أنا ، فتكون له حجة ومقالة ، وإذا وضع الآخر ما زاد عليه وأخر بالبقية إلى صاحبه صار مالهما على المكاتب إلى أجل واحد وعدد واحد ولا يتفضل أحدهما على صاحبه بقرب أجل ولا بزيادة مال فليس لواحد منهما أن يأبى ذلك إذا رضي الذي له المائتان بما أخبرتك من العبد ولا من الشريك وإذا أبى ذلك قيل [ ص: 482 ] للمكاتب : أترضى أن تزيد صاحب المائة مائة أخرى وتجعل له المائتين إلى سنة مع مائتي صاحبه فتؤدي إليهما أربعمائة إلى سنة فيكون أجلهما واحدا كأنما كاتباه كتابة واحدة إلى أجل واحد ، فإن رضي بذلك جازت الكتابة أيضا ولم يكن لواحد منهما أن يأبى ذلك فإن أبى ذلك فسخت الكتابة .

                                                                                                                                                                                      وقال سحنون : قال غيره من الرواة : إن وافقت كتابة الثاني كتابة الأول في النجوم والمال فهو جائز وكأنهما كاتباه جميعا ، وإن كانت الكتابة مختلفة ، فقد قال بعض الرواة ما قال عبد الرحمن .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية