الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      في الرجل يحلف بحرية عبده إن لم يفعل كذا وكذا إلى أجل سماه قال : وقال مالك : ولو أن رجلا حلف بطلاق امرأته على رجل إن لم يقضني حقي إلى أجل كذا وكذا فامرأته طالق ألبتة ، قال مالك : فلا أرى أن يحال بينه وبين امرأته إلى الأجل وهو مثل ما يحلف هو ليقضينه إلى ذلك الأجل .

                                                                                                                                                                                      قال ابن القاسم : والعتق عندي مثله ، إذا حلف إن لم يقض فلانا حقه وإن لم يفعل فلان كذا وكذا إلى أجل سماه لم يحل بينه وبين رقيقه في وطئهن ولا بيعهن ، فإن بر فلان إلى ذلك الأجل في القضاء أو في الفعل إلى ذلك الأجل كانوا رقيقا وإن لم يبر عتقوا عليه بمنزلة ما لو حلف إلا أن يكون عليه دين لا وفاء له فيفعل فيه بمثل ما يفعل بمن أعتق رقيقا له وعليه دين .

                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت إن قال رجل لامرأته : أنت طالق إن لم أدخل هذه الدار هذه السنة ، أو قال لأمته : أنت حرة إن لم أدخل الدار هذه السنة ؟

                                                                                                                                                                                      قال : قال مالك : يطؤها وليس له إلى بيع الجارية سبيل حتى تمضي السنة ، فإن دخل في السنة بر وإن لم يدخل في السنة حتى مضت حنث ، وإن كان قد باعها قبل مضي السنة رد البيع .

                                                                                                                                                                                      وكذلك هذا في الطلاق إن لم يدخل الدار حتى تمضي السنة فإنها تطلق فيه ولكن لا يحال بينه وبين وطئها إلى السنة ، وإن طلقها واحدة فانقضت عدتها قبل السنة أو صالحها فحلت السنة وليست له بامرأة فحنث وليست تحته فإنه إن تزوجها بعد ذلك لم يكن عليه شيء ، وهذا قول مالك ; لأن مالكا قال في رجل قال : إن لم أقضك حقك إلى سنة فامرأته طالق ورقيقه أحرار : إنه يطأ امرأته وجواريه في السنة ، فإن مضت السنة ولم يقضه حنث ، وإن طلق امرأته قبل أن تنقضي السنة تطليقة فانقضت عدتها قبل السنة أو صالحها فمضت السنة ثم تزوجها بعد ذلك فلا شيء عليه . [ ص: 397 ]

                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت إن قال : إن لم أقضك حقك إلى سنة فامرأته طالق ورقيقه أحرار لم قال مالك : لا يمنع من الوطء ويمنعه من البيع إلا إن كانت يمينه على بر فلا ينبغي له أن يحال بينه وبين بيع أمته وإن كان على حنث فإنه لا ينبغي أن يطأ جاريته ولا امرأته حتى يبر أو يحنث فلم قال مالك ما قال ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لأن الرجل الحالف على بر فلذلك وطئ الأمة في هذا وهي في البيع مرتهنة بيمين وهو حق لها ، فلا يقدر على بيعها للحق الذي لها في يمينه لقول الجارية : لا تبعني حتى تبر أو تحنث ، وهو على بر بالوطء وهي بالبيع مرتهنة بيمينه فيها .

                                                                                                                                                                                      قلت : فإن قالت الأمة يعني لا أريد أن أطالبك في يمينك بشيء ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لا ينظر إلى قولها ولا تباع حتى يبر أو يحنث .

                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت لو أعتق إلى أجل من الآجال ، أله أن يستمتع ممن أعتق بحال ما وصفت لك في قول مالك إلى ذلك الأجل ؟

                                                                                                                                                                                      قال : نعم ، من غير وطء .

                                                                                                                                                                                      قال سحنون وقال بعض الرواة عن مالك : ليس له وطؤها كما ليس له بيعها وقد قال ابن عمر لا يجوز للرجل أن يطأ جارية إلا جارية إن شاء باعها وإن شاء وهبها ، وذكره ابن القاسم عن مالك

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية