الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
6557 - كان إذا أراد غزوة ورى بغيرها - د) عن كعب بن مالك - صح) .

التالي السابق


(كان إذا أراد غزوة ورى) بتشديد الراء أي سترها وكنى عنها (بغيرها) أي بغير تلك الغزوة التي أرادها [ ص: 97 ] فيوهم أنه يريد غزو جهة أخرى، كان يقول إذا أراد غزو خيبر: كيف تجدوا مياهها؟ موهما أنه يريد غزو مكة، لا أنه يقول: أريد غزو خيبر وهو يريد مكة فإنه كذب وهو محال عليه، والتورية: أن يذكر لفظا يحتمل معنيين أحدهما أقرب من الآخر فيسأل عنه وعن طريقه فيفهم السامع بسبب ذلك أنه يقصد المحل القريب والمتكلم صادق لكن لخلل وقع من فهم السامع خاصة، وأصله من وريت الخبر تورية سترته وأظهرت غيره، وأصله ورى الإنسان؛ لأنه من ورى بشيء كأنه جعله وراءه، وضبطه السيرافي في شرح سيبويه بالهمزة، وأصحاب الحديث لم يضبطوا فيه الهمزة فكأنهم سهلوها، وذلك لئلا يتفطن العدو فيستعد للدفع والحرب كما قال: الحرب خدعة وفي البخاري أيضا كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قلما يريد غزوة يغزوها إلا ورى بغيرها، حتى كانت غزوة تبوك فغزاها في حر شديد واستقبل سفرا بعيدا ومفاوز واستقبل غزو عدو كثير فجلى المسلمين أمرهم ليتأهبوا أهبة غزوهم فأخبرهم بجهته الذي يريد، وعن كعب بن مالك ظاهر صنيعه أنه لا يوجد مخرجا في أحد الصحيحين وهو وهم، بل هو فيهما فقد قال الحافظ العراقي : هو متفق عليه. اهـ. وهو في البخاري في غزوة تبوك، وفي موضع آخر، وفي مسلم في التوبة كلاهما عن كعب المزبور مطولا ولفظهما: لم يكن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يريد غزوة إلا ورى بغيرها حتى كانت تلك الغزوة - يعني تبوك - غزاها في حر شديد واستقبل سفرا بعيدا وغزوا كثيرا فجلا للمسلمين أمرهم ليتأهبوا أهبة غزوهم فأخبرهم بجهته الذي يريد. اهـ. وقد تقرر غير مرة عن مغلطاي وغيره من أهل الفن أنه ليس لحديثي عزو حديث لغير الشيخين مع وجود ما يفيده لأحدهما.




الخدمات العلمية