الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                5041 5042 ص: حدثنا المزني، قال: ثنا الشافعي، قال: أنا سفيان (ح).

                                                وحدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قالا: ثنا أسباط ، عن مطرف بن طريف ، عن الشعبي ، عن أبي جحيفة قال: " سألت عليا - رضي الله عنه -: هل عندكم من رسول الله -عليه السلام- علم غير القرآن؟ قال: والذي فلق الحبة وبرأ النسمة، ما عندنا من رسول الله -عليه السلام- سوى القرآن وما في الصحيفة، قلت: وما في الصحيفة؟ قال: العقل، وفكاك الأسير، وأن لا يقتل مسلم بكافر".

                                                التالي السابق


                                                ش: هذان طريقان صحيحان:

                                                الأول: عن إسماعيل بن يحيى المزني ، عن محمد بن إدريس الشافعي الإمام، عن سفيان بن عيينة ، عن مطرف بن طريف الحارثي الكوفي ، عن عامر الشعبي ، عن أبي جحيفة -بضم الجيم، وفتح الحاء المهملة، وسكون الياء آخر الحروف، وفتح الفاء- واسمه وهب بن عبد الله السوائي ، عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنهما -.

                                                وأخرجه البخاري: نا صدقة بن الفضل، أنا ابن عيينة، ثنا مطرف، سمعت الشعبي، قال: سمعت أبا جحيفة قال: "سألت عليا - رضي الله عنه -: هل عندكم شيء مما ليس في القرآن؟ -وقال ابن عيينة مرة: ما ليس عند الناس- فقال: والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ما عندنا إلا ما في القرآن إلا فهما يعطى رجل في كتابه وما في الصحيفة، قلت: وما في الصحيفة؟ قال: العقل، وفكاك الأسير، وأن لا يقتل مسلم بكافر".

                                                [ ص: 337 ] الثاني: عن ربيع بن سليمان المؤذن صاحب الشافعي ، عن أسد بن موسى ، عن أسباط بن محمد القرشي الكوفي ، عن مطرف .... إلى آخره.

                                                وأخرجه أحمد في "مسنده": ثنا سفيان بن عيينة، ثنا مطرف بن طريف قال: سمعت الشعبي، نا أبو جحيفة قال: "قلت لعلي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: هل عندكم من رسول الله -عليه السلام- سوى القرآن؟ قال علي: لا والذي فلق الحبة وبرأ النسمة، إلا أن يعطي الله عبدا فهما في كتابه، وما في الصحيفة، قلت: وما في الصحيفة؟ قال: العقل، وفكاك الأسير، وأن لا يقتل مسلم بكافر".

                                                وأخرجه الترمذي: عن أحمد بن منيع ، عن هشيم ، عن مطرف ، عن الشعبي، أنا أبو جحيفة، به. وقال: حسن صحيح.

                                                والنسائي: عن محمد بن منصور ، عن سفيان ، عن مطرف بن طريف ، عن الشعبي ، عن أبي جحيفة بمعناه.

                                                وابن ماجه: عن علقمة بن عمرو الدارمي ، عن أبي بكر بن عياش ، عن مطرف ، عن الشعبي .

                                                قوله: "والذي فلق الحبة" أي وحق الذي فلق الحبة، أي أقسم بالله الذي فلق الحبة، وكان علي - رضي الله عنه - كثير القسم بهذه اللفظة، أي الذي شق حبة الطعام، ونوى التمر للإنبات.

                                                و"الفلق": الشق، وهو بسكون اللام، وأما الفلق بالتحريك: فهو الصبح نفسه.

                                                قوله: "وبرأ النسمة" أي وخلق النسمة، والبارئ هو الخالق، وهو الذي خلق الخلق لا عن مثال، ولهذه اللفظة من الاختصاص بخلق الحيوان ما ليس لها بغيره [ ص: 338 ] من المخلوقات، وقلما يستعمل في غير الحيوان، فيقال: برأ الله النسمة وخلق السموات والأرض.

                                                والنسمة: النفس والروح، وكل دابة فيها روح تسمى نسمة.

                                                قوله: "العقل" أي الدية، وأصله: أن القاتل كان إذا قتل قتيلا جمع الدية من الإبل فعقلها بفناء أولياء المقتول، أي شدها في عقلها ليسلمها إليهم ويقبضونها منه، فسميت الدية عقلا بالمصدر، يقال: عقل البعير يعقله عقلا، وجمعها عقول.




                                                الخدمات العلمية