الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                            صفحة جزء
                                                            وواراه مواراة ستره وتوارى استخفى ووراء كلمة مؤنثة تكون خلفا وتكون قداما وأكثر ما يكون ذلك في المواقيت من الأيام والليالي لأن الوقت يأتي بعد مضي الإنسان فيكون وراءه وإن أدركه الإنسان كان قدامه ويقال وراءك برد شديد وقدامك برد شديد لأنه شيء يأتي فهو من وراء الإنسان على تقدير لحوقه بالإنسان وهو بين يدي الإنسان على تقدير لحوق الإنسان به فلذلك جاز الوجهان واستعمالها في الأماكن سائغ على هذا التأويل .

                                                            وفي التنزيل ( { وكان وراءهم ملك } ) أي أمامهم ومنه قول الفقهاء في المصلي قاعدا ويركع بحيث تحاذي جبهته ما وراء ركبته أي قدامها لأن الركبة تأتي ذلك المكان فكانت كأنها [ ص: 657 ] وراءه { ومن ورائه عذاب غليظ } أي بين يديه لأن العذاب يلحقه لكن لا يقال لرجل واقف وخلفه شيء هو بين يديك لأنه غير طالب له وهي ظرف مكان ولامها ياء تكون بمعنى سوى كقوله تعالى { فمن ابتغى وراء ذلك } أي سوى ذلك ووريت الحديث تورية سترته وأظهرت غيره وقال أبو عبيد لا أراه إلا مأخوذا من وراء الإنسان فإذا قال وريته فكأنه جعله وراءه حيث لا يظهر فالتورية أن تطلق لفظا ظاهرا في معنى وتريد به معنى آخر يتناوله ذلك اللفظ لكنه خلاف ظاهره .

                                                            التالي السابق


                                                            الخدمات العلمية