الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                            صفحة جزء
                                                            والسكر بفتحتين يقال هو عصير الرطب إذا اشتد وسكر سكرا من باب تعب وكسر السين في المصدر لغة فيبقى مثل : عنب فهو سكران وكذلك في أمثالها وامرأة سكرى والجمع سكارى بضم [ ص: 282 ] السين وفتحها لغة .

                                                            وفي لغة بني أسد يقال في المرأة سكرانة والسكر اسم منه وأسكره الشراب أزال عقله ويروى { ما أسكر كثيره فقليله حرام } ونقل عن بعضهم أنه أعاد الضمير على كثيره فيبقى المعنى على قوله فقليل الكثير حرام حتى لو شرب قدحين من النبيذ مثلا ولم يسكر بهما وكان يسكر بالثالث فالثالث كثير فقليل الثالث وهو الكثير حرام دون الأولين وهذا كلام منحرف عن اللسان العربي لأنه إخبار عن الصلة دون الموصول وهو ممنوع باتفاق النحاة وقد اتفقوا على إعادة الضمير من الجملة على المبتدإ ليربط به الخبر فيصير المعنى الذي يسكر كثيره فقليل ذلك الذي يسكر كثيره حرام وقد صرح به في الحديث فقال { كل مسكر حرام } { وما أسكر الفرق منه فملء الكف منه حرام } ولأن الفاء جواب لما في المبتدإ من معنى الشرط والتقدير مهما يكن من شيء يسكر كثيره فقليل ذلك الشيء حرام ونظيره الذي يقوم غلامه فله درهم والمعنى فلذلك الذي يقوم غلامه ولو أعيد الضمير على الغلام بقي التقدير الذي يقوم غلامه فللغلام درهم فيكون إخبارا عن الصلة دون الموصول فيبقى المبتدأ بلا رابط فتأمله وفيه فساد من جهة المعنى أيضا لأنه إذا أريد فقليل الكثير حرام يبقى مفهومه فقليل القليل غير حرام فيؤدي إلى إباحة ما لا يسكر من الخمر وهو مخالف للإجماع .

                                                            التالي السابق


                                                            الخدمات العلمية