الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وأما القسم الرابع وهو أن يحفرها في طريق سابل ، فهذا على ضربين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن يضر حفرها بالمارة فيصير متعديا فيلزمه ضمان ما سقط فيها ، سواء أذن له الإمام أو لم يأذن ، لأن إذن الإمام لا يبيح المحظورات .

                                                                                                                                            والضرب الثاني : أن لا تضر بالمارة : لسعة الطريق وانحراف البئر عن جادة المارة فهذا على ضربين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن يحفرها ليتملكها فهذا محظور : لأنه لا يجوز أن يتملك طريق السابلة فيلزمه ضمان ما سقط فيها .

                                                                                                                                            والضرب الثاني : أن يحفرها للارتفاق لا للتمليك ، فإن لم يحكم رأسها وتركها مفتوحة ضمن ما سقط فيها ، وإن أحكم رأسها واستأذن فيها الإمام لم يضمن ، وإن لم يستأذنه فيها ففي وجوب ضمانه ثلاثة أوجه :

                                                                                                                                            أحدها : وهو قياس قوله في القديم يضمن ، لأنه جعل إذن الإمام شرطا في عموم المصالح .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : لا يضمن للارتفاق الذي لا يجد الناس منه بدا .

                                                                                                                                            والوجه الثالث : أنه إن حفرها لارتفاق كافة المسلمين بها ، إما لشربهم منها ، وإما ليفيض مياه الأمطار إليها فلا ضمان عليه ، وإن حفرها ليختص بالارتفاق بها لحشر داره أو لماء مطرها فعليه الضمان : لأن عموم المصالح أوسع حكما من [ ص: 375 ] خصوصها ، وفي قول النبي - صلى الله عليه وسلم - البئر جبار والمعدن جبار وفيه تأويلان :

                                                                                                                                            أحدهما : المراد به الأجير في حفر البئر والمعدن إذا تلف كان هدرا .

                                                                                                                                            والثاني : أن ما سقط فيها بعد الحفر هدر ، ولا يمتنع أن يحمل على عموم الأمرين فيما استبيح فعله وإن أريد به أحدهما لاشتراكهما في المعنى .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية