الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فأما كلام المزني فيشتمل على فصلين :

                                                                                                                                            أحدهما : ما حكاه عن الشافعي في مناظرته لمحمد بن الحسن في شريك الصبي ، لم أسقط عنه القود : فقال محمد بن الحسن لأن القلم عنه مرفوع ، فأجابه الشافعي [ ص: 132 ] بأن شريك الأب لا قود عليه عندك ، وليس القلم مرفوعا عن الأب ، فأبطل عليه تعليله بارتفاع القلم .

                                                                                                                                            قال أصحاب أبي حنيفة : لا يلزم محمد بن الحسن هذه المناقضة ، لأنها نقيض العكس دون الطرد ، والنقيض إنما يلزم في الطرد بأن توجد العلة ولا حكم ، ولا يلزم في العكس بأن يوجد الحكم ولا علة ، فعنه جوابان :

                                                                                                                                            أحدهما : أن من مذهبهم نقض العلة بطردها وعكسها ، فألزمهم الشافعي على مذهبهم .

                                                                                                                                            والجواب الثاني : أن التعليل إذا كان لعين انتقض بإيجاد العلة ولا حكم ، ولا ينتقض بإيجاد الحكم ولا علة ، وإذا كان التعليل لجنس انتقض بإيجاد العلة ولا حكم بإيجاد الحكم ولا علة ، وتعليل محمد بن الحسن قد كان للجنس دون العين ، فصح انتقاضه بكلا الأمرين .

                                                                                                                                            والفصل الثاني من كلام المزني أن اعترض به على الشافعي فقال قد شارك محمد بن الحسن فيما أنكر عليه ، لأنه رفع القصاص عن الخاطئ حتى أسقط به القود عن العامد ، ورفع القصاص عن الصبي ولم يسقط به القود عن البالغ ، وهذا الاعتراض وهم من المزني ، لأن الشافعي حمل ذلك على اختلاف قوليه في عمد الصبي هل يكون عمدا أو خطأ ، فجعله في أحد قوليه عمدا فلم يسقط به القود عن البالغ إذا شاركه لوجود الشبهة في الفاعل دون الفعل ، بخلاف الخاطئ وإن جعل عمده في القول الثاني خطأ سقط به القود عن البالغ لوجود الشبهة في القتل دون الفاعل كالخاطئ ، فكان اعتراضه زللا ، والله أعلم بالصواب .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية