الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : والقسم الثالث : أن يكون باطشا بهما جميعا فهذا على ضربين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن يكون بطشه بإحداهما أكثر من الأخرى ، فأكثرهما بطشا هي الأصل يجب فيها القود أو كمال الدية وأقلهما بطشا هي الزائدة لا قود فيها وفيها حكومة ، كما يستدل في إشكال الخنثى بقوة بوله .

                                                                                                                                            والضرب الثاني : أن يستوي بطشه بهما فيسقط الاستدلال بالبطش لتكافئه ويعدل إلى غيره ، كما إذا سقط الاستدلال في الخنثى بالبول عند التساوي عدل إلى غيره من الأمارات ، وإذا كان كذلك لم يخل حالهما من أن يستويا في القدر أو يختلفا ، فإن اختلفا فكانت إحدى الكفين أكبر من الأخرى فالكبيرة هي الأصل تكمل فيها الدية ، والصغيرة هي الزائدة يجب فيها حكومة ، فإن استويا في القدر ولم تزد إحداهما على الأخرى فعلى ضربين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن تكون إحدى الكفين في استواء الذراع والأخرى عادلة عنه ، فتكون التي في استواء الذراع هي الأصل تكمل فيها الدية والخارجة عن استوائه زائدة يجب فيها حكومة .

                                                                                                                                            والضرب الثاني : أن يستويا في مخرج الذراع ، فإن كانت إحداهما كاملة الأصابع والأخرى ناقصة فذات الكمال هي الأصل وذات النقص هي الزائدة ، ولو كانت إحداهما كاملة الأصابع والأخرى زائدة الأصابع لم يكن في الزيادة مع الكمال دليل ، وإن كان في الكمال مع النقصان دليل : لأن الزيادة نقص فلم يستدل بها على أصل ، فإذا عدمت الأمارات الدالة على تميز الأصل من الزيادة واعتدلت في الكفين معا فهما يدان زائدتان إن قطعهما قاطع كان عليه القود وحكومة في الزيادة ، وإن قطع إحداهما فلا قود عليه لعدم المماثلة ، وعليه نصف دية يد وزيادة حكومة ، لأنها نصف يد زائدة ، [ ص: 284 ] فإن قطع إصبعا من إحداهما فعليه نصف دية إصبع وزيادة حكومة ، لأنها نصف إصبع زائدة ، وإن قطع أنملة إصبع من إحداهما فعليه نصف دية أنملة وزيادة حكومة ، لأنها نصف أنملة زائدة ، فأما القود في ذلك فيسقط إلا أن يقطع إصبعين متماثلين من الكفين قبل أن يقطع إبهام كل واحدة من الكفين فيقتص من إبهامه ويؤخذ منه حكومة في الزيادة ، كما يقتص من كفه إذا قطع الكفين وتؤخذ منه حكومة في الزيادة ، ولو قطع من إحداهما إبهاما ومن الأخرى خنصرا فلا قود عليه في الإبهام ولا في الخنصر ، لنقص كل واحد منهما ، ويؤخذ منه دية إصبع وزيادة حكومة ، لأنها إصبع زائدة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية