الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : إذا أرسل عليه سبعا فافترسه فهذا على ضربين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن لا يقدر على الخلاص منه لقصور خطوته عن وثبة السبع ، فعليه القود لأنه بمثابة من أرسل سهما قاتلا .

                                                                                                                                            والضرب الثاني : أن يقدر على الخلاص منه ، إما بسرعة العدو وإما بالدخول إلى بيت ، أو بالصعود إلى شجرة فهذا على ضربين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن يكون مضعوف القلب ، إما بصغر أو بله يدهش في مثل ذلك عن توقيه ، فالقود فيه واجب ، لأنه عاجز عن الخلاص ، وإن قدر عليه غيره .

                                                                                                                                            والضرب الثاني : أن يكون ثابت النفس قوي القلب يقدر على الخلاص ، فلم يفعل حتى افترسه فهذا على ضربين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن يقف السبع بقدر إرساله زمانا ، ثم يسترسل فلا قود ولا دية ، لأن حكم إرساله قد انقطع بوقوفه فصار هو المسترسل بنفسه .

                                                                                                                                            والضرب الثاني : أن يسترسل عليه مع إرساله من غير توقف ، فلا قود لقدرته على الخلاص وفي وجوب الدية وجهان تخريجا من القولين المتقدمين :

                                                                                                                                            أحدهما : لا يجب : لأن قدرته على الخلاص تقطع حكم الإرسال .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : تجب عليه الدية لاتصال التلف بالإرسال .

                                                                                                                                            فأما إذا كتفه وألقاه في أرض مسبعة ، فافترسه السبع فلا قود عليه ولا دية ، ويكون كالممسك والذابح ، لا يجب على الممسك قود كذلك هاهنا ، وإذا وجب عليه القود بإرسال السبع عليه فهو معتبر بتوجيه السبع له ، فأما إن جرحه السبع فمات من جراحته لم يخل جراحته من ثلاثة أقسام :

                                                                                                                                            [ ص: 44 ] أحدهما : أن يقتل مثلها في الغالب فعليه القود .

                                                                                                                                            والثاني : أن لا يقتل مثلها في الغالب فلا قود عليه ولا دية .

                                                                                                                                            والثالث : أن يقتل مثلها ولا يقتل ، فعليه الدية دون القود .

                                                                                                                                            فأما إذا ألقى عليه حية فنهشته فهذا على ضربين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن يلقيها بين يديه فلا ضمان عليه بخلاف السبع لا يضر أو الحية تهرب .

                                                                                                                                            والضرب الثاني : أن يلقيها على جسده ، فهذا على ضربين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن يكون نهشها موجبا مثل حيات الطائف ، وأفاعي مكة ، وثعابين مصر وعقارب نصيبين فعليه القود .

                                                                                                                                            والضرب الثاني : أن تكون غير موجبة قد يسلم الناس منها كحيات الدود والماء ، ففيه قولان :

                                                                                                                                            أحدهما : عليه القود اعتبارا لجنس القاتل .

                                                                                                                                            والقول الثاني : لا قود ، عليه الدية ، لإمكان السلامة والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية