الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وإذا اصطدم رجلان بإناءين فيهما طعام فانكسر الإناءان واختلط الطعامان ضمن كل واحد منهما لصاحبه نصف قيمة إنائه ، وكان نصفه الباقي هدرا ، وأما الطعامان فضربان :

                                                                                                                                            أحدهما : أن يمكن تمييز أحدهما عن الآخر بعد اختلاطه كالسويق والسكر الصحيح ، فيميز كل واحد منهما طعامه من طعام صاحبه ، فإن احتاج تمييزهما إلى أجرة صانع كانت بينهما ، فإن كان لتمييزهما بعد اختلاطهما نقصان في قيمتهما رجع كل واحد منهما على صاحبه بنصف أرش نقصان طعامه .

                                                                                                                                            والضرب الثاني : أن لا يمكن تمييزهما بعد اختلاطهما كالسويق والعسل ، فيقوم كل واحد من الطعامين على انفراده ، ثم يقومان بعد الاختلاط ، فإن لم يكن فيهما نقصان فلا غرم وصارا شريكين فيه بتقدير الثمنين ، كأن قيمة السويق خمسة دراهم وقيمة العسل عشرة دراهم فيكون صاحب السويق شريكا فيه بالثلث ، وصاحب العسل شريكا فيه بالثلثين ، فإن باعاه اقتسما ثمنه على قدر شركتهما ، وإن أرادا قسمه بينهما جبرا لم يجز ، لأن كل واحد منهما معاوض عن سويق بعسل ، وذلك بيع لا يدخله الإجبار وإن أرادا قسمة عن تراض ففي جوازه قولان :

                                                                                                                                            أحدهما : يجوز إذا قيل : إن القسمة بيع بدخول التفاضل فيه ، وإن نقص [ ص: 329 ] باختلاطهما ضمن كل واحد منهما لصاحبه نصف أرش الناقص من طعامه ، وتقاضيا ، ثم كانا في الشركة على ما ذكرناه وبالله التوفيق .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية