الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : مع أبي حنيفة لا يعدل عن إبل الدية إذا وجدت ، وخير أبو حنيفة بين الإبل وبين الدراهم والدنانير استدلالا بأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى بجميعها فدل على التخيير فيها ولأن العاقلة تتحملها مواساة مكان التخيير فيها أرفق ككفارة اليمين ، ولأن الدراهم والدنانير أصول الأموال فلم يجز أن تجعل فرعا للإبل .

                                                                                                                                            ودليلنا قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ألا إن في قتيل العمد الخطأ بالسوط والعصا مائة من الإبل مغلظة ، منها أربعون خلفة في بطونها أولادها فاقتضى أن تكون الإبل أصلا لا يعدو عنها إلا بعد العدم .

                                                                                                                                            وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : أكرموا الإبل فإن فيها رقوء الدم فخصها بهذه الصفة ، لأنها تبذل في الدية فيعفى بها عن القود فدل على اختصاصها بالحكم .

                                                                                                                                            [ ص: 229 ] وروى عطاء قال : كانت الدية بالإبل حتى قومها عمر بن الخطاب ، قال الشافعي : ما قومها إلا قيمة يومها . وإذا كان العدول عنها قيمة لها لم تستحق القيم إلا بعد العدم ، لأن ما استحقه الآدميون من حقوق الأموال إذا تعينت لم يدخلها تخيير كسائر الحقوق ، وليس لما احتيج به من قضاء النبي - صلى الله عليه وسلم - بجميعها وجه لاحتمال قضائه بذلك مع الإعواز والعدم ، ولا توجب المواساة بها التخيير فيها كما لا يخير بين ما سوى الدنانير والدراهم وبين غيرها من العروض والسلع وكذلك قوله " أنها أرفق " .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية