فصل : فإذا تقرر ما وصفنا من شرح المذهب ، فإن قلنا إن القول قول المجني عليه في سلامتها مع يمينه حلف لقد كان سليما عند الجناية عليه ، وحكم له بالقود أو الدية ، إلا أن يكون للجاني بينة على ما ادعاه من الشلل وعدم السلامة ، فإن ، وسقط القود والدية ووجب الأرش ، لأن الشلل إذا ثبت قبل الجناية يزول وكان باقيا إلى وقت الجناية ، فلذلك ما استوى حكم الشهادة في الحالتين ، شهدوا أنه كان أشل عند الجناية أو قبلها حكم بشهادتهم شاهدان ، وإن والبينة هاهنا إن كانت الجناية موجبة للقود شاهدان ، أو شاهد وامرأتان ، أو شاهد ويمين ، وإن قلنا : إن القول قول الجاني فلا يخلو حاله من أن يكون قد اعترف بالسلامة قبل الجناية أو لم يعترف بها ، فإن لم يعترف له بالسلامة وقال لم تزل سلامته وحلف ، فالقول قوله مع يمينه ، وإن كانت موجبة للدية دون القود ففي قبول قوله قولان منصوصان : اعترف له بالسلامة وادعى حدوث الشلل عند الجناية
أحدهما : لا تقبل للاعتراف بالسلامة ، لأنها قد صارت باعترافه بها أصل استصحابه فيصير القول فيه قول المجني عليه .
والقول الثاني : أن يقبل دعواه في حدوث الشلل مع اعترافه بتقدم السلامة ، لأننا لما قدمنا قوله في الشلل وإن كان الظاهر سلامة الخلقة قبلنا قوله مع اعترافه بسلامة الخلقة ، لاعترافه بما وافق الظاهر من السلامة ، فيكون القول قوله مع يمينه ، لقد كان أشل ولا يلزم أن يكون يمينه على شلله وقت الجناية ، لأن الشلل لا يزول بعد حدوث ، فإن أقام المجني عليه بينة على سلامته سمعناها إن شهدت بسلامته وقت الجناية .
[ ص: 187 ] وإن شهدت بسلامته قبلها فعلى قولين من اختلاف قوليه إذا اعترف بتقدم سلامته هل يقبل قوله في حدوث شلله .
فإن قيل بقبول قوله فيه لم يحكم عليه بهذه البينة ، وإن لم يقبل قوله فيه حكم عليه بهذه البينة ، وكان له إحلاف المجني عليه لقد كان سليما إلى وقت الجناية عليه ، ويقبل فيما أوجب الدية دون القود شاهد وامرأتان أو شاهد ويمين والله أعلم . ولا يقبل فيما أوجب القود إلا شاهدان