الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : ويقاد بذكر رجل شيخ وخصي وصبي والذي لا يأتي النساء ، كان الذكر ينتشر أو لا ينتشر ما لم يكن به شلل يمنعه من أن ينقبض أو ينبسط .

                                                                                                                                            قال الماوردي : القصاص في الذكر واجب ، لأنه عضو له حد وغاية ، فإذا استوعبه من أصل القضيب اقتص منه ، ويؤخذ الطويل بالقصير ، والغليظ بالدقيق ، وذكر الشاب بذكر الشيخ ، وذكر الذي يأتي النساء بذكر العنين ، والذكر الذي ينتشر بالذي لا ينتشر ما لم يكن به شلل ، وذكر الفحل بذكر الخصي .

                                                                                                                                            وقال أبو حنيفة ، ومالك : لا أقتص من ذكر الفحل بذكر الخصي ، ولا الذكر المنتشر بغير المنتشر لنقصهما وقلة النفع بهما فلم يقتص من كامل بناقص ، وهذا فاسد ، لقول الله تعالى وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به [ النحل : 126 ] .

                                                                                                                                            [ ص: 184 ] ولأنهما قد اشتركا في الاسم الخاص مع تمام الخلقة والسلامة من الشلل فجرى القصاص بينهما كسائر الأطراف ، ولأن ذكر العنين صحيح وعدم الإنزال لعلة في الصلب ، لأنه محل الماء ، وكذلك ذكر الخصي صحيح ، والنقص في غيره وهو عدم الأنثيين ، ولأنه ليس في العنة والخصي أكثر من فقد الولد ، وهذا المعنى لا يؤثر في سقوط القود ، كما يؤخذ ذكر من ولد له بذكر العقيم ، وكما يؤخذ ثدي المرضعة ذات اللبن بثدي من لا ترضع وليس لها لبن ، وفيما ذكرناه انفصال .

                                                                                                                                            فأما الذكر الأشل فلا قصاص فيه من السليم كما لا يقتص من اليد السليمة بالشلاء ، وشلل الذكر هو أن يستحشف أو ينقبض فلا ينبسط بحال ، وينبسط فلا ينقبض بحال أو ينقبض باليد فإذا فارقته انبسط ، أو ينبسط باليد فإذا فارقته انقبض ، فهذا هو الأشل على اختلاف أنواع شلله ، فلا يقتص منه إلا بأشل ولا يمنع اختلاف أنواع الشلل من جريان القصاص بينهما لعموم النقص وعدم المنفعة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية