مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : فإن سلمتم لواحد أو لأجنبي جاز قتله وإن تشاححتم أقرعنا بينكم فأيكم خرجت قرعته خليناه وقتله ويضرب بأصرم سيف وأشد ضرب . وإذا تشاح الولاة قيل لهم لا يقتله إلا واحد منكم
قال الماوردي : قد مضت هذه المسألة وهي تشتمل على فصلين :
أحدهما : صفة القصاص وقد استوفيناه ، وذكرنا أنه إن كان في طرف استوفاه الإمام ، وإن كان في نفس استوفاه الأولياء .
والفصل الثاني : في مستحقه من الأولياء وهو معتبر بأحوالهم ، وهم ثلاثة أصناف :
أحدهم : أن لا يكونوا من أهل القصاص وقد بيناهم .
والثاني : أن يكونوا من أهل القصاص وقد بيناهم .
والثالث : أن يكون بعضهم من أهله وبعضهم من غير أهله فإن كانوا جميعا من غير أهله كانوا إذا جاز أمرهم بالخيار بين أن يوكلوا من يختارونه من أهل القصاص ، وبين أن يفوضوه إلى الإمام ليستنيب لهم من يختاره ، وإن كان بعضهم من أهله وبعضهم من غير أهله خرج منهم من كان من غير أهله ، وبقي أهله هم المباشرون له [ ص: 138 ] ويكون التنازع فيه مقصورا عليهم ، فإن قال من ليس من أهله أنا أدخل في التنازع لأستنيب من يباشره احتمل وجهين :
أحدهما : له ذلك لمشاركته لهم في الاستحقاق .
والثاني : ليس له ذلك ، لأنه موضوع للتشفي ، فكان مباشرة المستحق له أولى من مباشرة النائب عن مستحقه ، وإن كانوا جميعا من أهله لم يجز أن يشتركوا في استيفائه ، لأنه قتل واحد لم يقتص منه إلا واحد وتولاه أحدهم ، فإن فوضوه إلى واحد منهم كان أحقهم باستيفائه ، والأولى أن يختاروا أشدهم وأقواهم وأدينهم ، فإن عدلوا عنه إلى أدونهم جاز ، وإن تنازعوا فيه وتشاجروا عليه أقرع بينهم ، فإذا خرجت القرعة لأحدهم صار أحقهم باستيفائه ، لكن لا يجوز أن يستوفي القصاص بعد خروج قرعته إلا عن إذن من جميعهم ، لأن الإقراع بينهم لا يكون إذنا منهم في الاستيفاء ، وإنما يتعين به مباشرة الاستيفاء ، ويكون الاستيفاء موقوفا على اتفاقهم .