الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإذا استقر تعيين من وجب عليه الضمان على ما ذكرناه من التقسيم كان ما ضمنه الولي من ديته أو غرته على عاقلته ، لأنه من خطئه الذي تتحمله العاقلة عنه ، وكانت الكفارة في ماله ، لأن العاقلة تتحمل العقل دون الكفارة .

                                                                                                                                            فأما ما ضمنه الإمام من الدية أو الغرة ففيه قولان :

                                                                                                                                            أحدهما : أنه مضمون على عاقلته يتحملونه عنه ، لأن عمر - رضي الله عنه - حين ضمن جنين المرأة التي أرهبها فألقته ميتا قال لعلي - عليه السلام - : عزمت عليك لا تبرح حتى تضربها على قومك . يعني من قريش ، لأنهم عاقلة عمر وكما يتحملون عنه العقل لو لم يكن إماما فعلى هذا تكون الكفارة في ماله كغير الإمام .

                                                                                                                                            والقول الثاني : تكون الدية أو الغرة مضمونة في بيت المال ، لأنه يكثر من الإمام لما يتولاه من أمور المسلمين التي لا يجد من مباشرتها والاجتهاد فيها بدا ، فلو تحملت عاقلته ما لزمه من خطأ اجتهاده عجزوا عنه ولم يطيقوه ، فوجب أن يكون في مال من ينوب عنهم ويقوم بمصالحهم من المسلمين ، فلذلك كان في بيت مالهم .

                                                                                                                                            فإن قيل : ليس هذا من مصالحهم ، فيكون في بيت مالهم .

                                                                                                                                            قيل : لما كان سببه القصاص الذي فيه حفظ حياتهم وصلاح أنفسهم كان موجب الخطأ فيه من جملة مصالحهم ، فعلى هذا يكون في بيت المال ما ضمنه من الدية أو الغرة على تأجيل الخطأ ، وفي الكفارة وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : في بيت المال كالدية لاتفاقهما في معنى الوجوب .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : أنها تكون في مال الإمام دون بيت المال ، لأن بيت المال عاقلته والعاقلة تتحمل الدية دون الكفارة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية