ونقول إن الصالحين يجوز أن يخصهم الله تعالى بآيات يظهرها عليهم، وقولنا في الأطفال أطفال المشركين إن الله سبحانه يؤجج لهم نارا في الآخرة ثم يقول: اقتحموها. كما جاءت الرواية
[ ص: 329 ] بذلك، وندين بأن الله تعالى يعلم ما العباد عاملون، وإلى ما هم إليه صائرون وما كان وما يكون وما لا يكون أن لو كان كيف كان يكون، وبطاعة الأئمة ونصيحة المسلمين،
[ ص: 330 ] ونرى مفارقة كل داعية لبدعة ومجانبة أهل الأهواء، وسنحتج لما ذكرناه من قولنا وما بقي منه وما لم نذكره بابا بابا وشيئا شيئا، ونتكلم عن مسألة رؤية الله بالأبصار وعلى القرآن، ثم قال:
باب
nindex.php?page=treesubj&link=29639ذكر الاستواء
وذكر ما قد نبه عنه قريبا الذي أوله، فإن قال قائل: ما تقولون في الاستواء؟ قيل له: إن الله مستو على عرشه، كما قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=5الرحمن على العرش استوى [طه 5] .
وقال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=10إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه [فاطر 10] .
وقال سبحانه وتعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=158بل رفعه الله إليه [النساء 158] .
وقال سبحانه :
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=5يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه [السجدة 5] .
[ ص: 331 ] nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=36وقال فرعون يا هامان ابن لي صرحا لعلي أبلغ الأسباب nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=37أسباب السماوات فأطلع إلى إله موسى وإني لأظنه كاذبا [غافر 36-37] فأكذب
موسى في قوله: إن الله فوق السموات، وقال سبحانه :
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=16أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور [الملك 16] والسموات فوقها العرش، فلما كان العرش فوق السموات، قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=16أأمنتم من في السماء [الملك 16]؛ لأنه مستو على العرش الذي فوق السموات، وكل ما علا فهو سماء؛ فالعرش أعلى السموات، وليس إذا قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=16أأمنتم من في السماء [الملك 16] يعني جميع السماوات بقوله: السماء، وإنما أراد العرش الذي هو أعلى السموات، ألا ترى أن الله عز وجل ذكر السموات، فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=16وجعل القمر فيهن نورا [نوح 16] ولم يرد أن القمر يملؤهن
[ ص: 332 ] جميعا وأنه فيهن جميعا، ورأينا المسلمين جميعا إذا دعوا يرفعون أيديهم نحو العرش كما لا يحطونها إذا دعوا نحو الأرض.
وَنَقُولُ إِنَّ الصَّالِحِينَ يَجُوزُ أَنْ يَخُصَّهُمُ اللَّهُ تَعَالَى بِآيَاتٍ يُظْهِرُهَا عَلَيْهِمْ، وَقَوْلُنَا فِي الْأَطْفَالِ أَطْفَالِ الْمُشْرِكِينَ إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ يُؤَجِّجُ لَهُمْ نَارًا فِي الْآخِرَةِ ثُمَّ يَقُولُ: اقْتَحِمُوهَا. كَمَا جَاءَتِ الرِّوَايَةُ
[ ص: 329 ] بِذَلِكَ، وَنَدِينُ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَعْلَمُ مَا الْعِبَادُ عَامِلُونَ، وَإِلَى مَا هُمْ إِلَيْهِ صَائِرُونَ وَمَا كَانَ وَمَا يَكُونُ وَمَا لَا يَكُونُ أَنْ لَوْ كَانَ كَيْفَ كَانَ يَكُونُ، وَبِطَاعَةِ الْأَئِمَّةِ وَنَصِيحَةِ الْمُسْلِمِينَ،
[ ص: 330 ] وَنَرَى مُفَارَقَةَ كُلِّ دَاعِيَةٍ لِبِدْعَةٍ وَمُجَانَبَةَ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ، وَسَنَحْتَجُّ لِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ قَوْلِنَا وَمَا بَقِيَ مِنْهُ وَمَا لَمْ نَذْكُرْهُ بَابًا بَابًا وَشَيْئًا شَيْئًا، وَنَتَكَلَّمُ عَنْ مَسْأَلَةِ رُؤْيَةِ اللَّهِ بِالْأَبْصَارِ وَعَلَى الْقُرْآنِ، ثُمَّ قَالَ:
بَابُ
nindex.php?page=treesubj&link=29639ذِكْرِ الِاسْتِوَاءِ
وَذَكَرَ مَا قَدْ نَبَّهَ عَنْهُ قَرِيبًا الَّذِي أَوَّلَهُ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: مَا تَقُولُونَ فِي الِاسْتِوَاءِ؟ قِيلَ لَهُ: إِنَّ اللَّهَ مُسْتَوٍ عَلَى عَرْشِهِ، كَمَا قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=5الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى [طَهَ 5] .
وَقَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=10إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ [فَاطِرٌ 10] .
وَقَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=158بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ [النِّسَاءُ 158] .
وَقَالَ سُبْحَانَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=5يُدَبِّرُ الأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ [السَّجْدَةُ 5] .
[ ص: 331 ] nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=36وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الأَسْبَابَ nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=37أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لأَظُنُّهُ كَاذِبًا [غَافِرٌ 36-37] فَأَكْذَبَ
مُوسَى فِي قَوْلِهِ: إِنَّ اللَّهَ فَوْقَ السَّمَوَاتِ، وَقَالَ سُبْحَانَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=16أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ [الْمُلْكُ 16] وَالسَّمَوَاتُ فَوْقَهَا الْعَرْشُ، فَلَمَّا كَانَ الْعَرْشُ فَوْقَ السَّمَوَاتِ، قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=16أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ [الْمُلْكُ 16]؛ لِأَنَّهُ مُسْتَوٍ عَلَى الْعَرْشِ الَّذِي فَوْقَ السَّمَوَاتِ، وَكُلُّ مَا عَلَا فَهُوَ سَمَاءٌ؛ فَالْعَرْشُ أَعْلَى السَّمَوَاتِ، وَلَيْسَ إِذَا قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=16أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ [الْمُلْكُ 16] يَعْنِي جَمِيعَ السَّمَاوَاتِ بِقَوْلِهِ: السَّمَاءُ، وَإِنَّمَا أَرَادَ الْعَرْشَ الَّذِي هُوَ أَعْلَى السَّمَوَاتِ، أَلَا تَرَى أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ ذَكَرَ السَّمَوَاتِ، فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=16وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا [نُوحٌ 16] وَلَمْ يُرِدْ أَنَّ الْقَمَرَ يَمْلَؤُهُنَّ
[ ص: 332 ] جَمِيعًا وَأَنَّهُ فِيهِنَّ جَمِيعًا، وَرَأَيْنَا الْمُسْلِمِينَ جَمِيعًا إِذَا دَعَوْا يَرْفَعُونَ أَيْدِيهُمْ نَحْوَ الْعَرْشِ كَمَا لَا يَحُطُّونَهَا إِذَا دَعَوْا نَحْوَ الْأَرْضِ.