ثم ذكر
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد حجة أخرى عقلية قياسية قال:
nindex.php?page=treesubj&link=28730 "وقلنا لهم: أليس تعلمون أن إبليس مكانه مكان، ومكان الشياطين مكانهم مكان؛ فلم يكن الله ليجتمع هو وإبليس في مكان واحد". [ ص: 103 ] وهذا التنزيه عن مجامعة الخبيث النجس من الأحياء نظير التنزيه عن مجامعة الخبيث النجس من الجمادات؛ ولهذا
nindex.php?page=treesubj&link=1348_1349_1350نهي عن الصلاة في المواطن التي تسكنها الشياطين كالحمام والحش وأعطان الإبل ونحو ذلك وإن كان المكان ليس فيه من النجاسات الجامدة شيء، بل أرواث الإبل طاهرة؛ بل قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم / في الصحيح من غير وجه، أنه ذكر أن
nindex.php?page=hadith&LINKID=683916الكلب [ ص: 104 ] يقطع الصلاة، وخصه في الحديث الصحيح بالأسود، وقال إنه شيطان. لما سئل عن الفرق بين الأحمر والأبيض والأسود فقال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=662680 "الأسود شيطان". وفي الصحيح عنه أنه قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=688473 "إن الشيطان تفلت علي البارحة، فأراد أن يقطع علي صلاتي، فأمكنني الله منه فأخذته فذعته" ولهذا
nindex.php?page=treesubj&link=1517أمر النبي صلى الله عليه وسلم بمقاتلة المار بين يدي المصلي، وقال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=657792 "إن معه القرين". فأما
nindex.php?page=treesubj&link=1522_1521مرور [ ص: 105 ] الإنسي، فقد قال nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود: إنه يذهب بنصف أجر الصلاة. وأما شيطان الجن فقد قال طائفة من الفقهاء من أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد وغيرهم: إنه يقطع الصلاة إذا علم ذلك، كما يقطعها الكلب الأسود البهيم الذي هو شيطان الدواب. [ ص: 106 ] وأيضا فالشيطان ملعون رجيم كما قال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=117وإن يدعون إلا شيطانا مريدا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=118لعنه الله [النساء 117، 118] وقد أخبر سبحانه وتعالى أن
nindex.php?page=treesubj&link=34108الشياطين ترجم بالشهب لئلا تسترق السمع من الملائكة، فقال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=6إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=7وحفظا من كل شيطان مارد nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=8لا يسمعون إلى الملإ الأعلى ويقذفون من كل جانب nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=9دحورا ولهم عذاب واصب nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=10إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب [الصافات: 6 - 10].
وقد أمر الله عباده بالاستعاذة من الشيطان فقد قال لكبيرهم في السماء:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=18اخرج منها مذءوما مدحورا لمن تبعك منهم لأملأن جهنم منكم أجمعين [الأعراف: 18] وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لبعض عباد الله وهو
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب: nindex.php?page=hadith&LINKID=682237 "ما رآك الشيطان سالكا فجا إلا سلك فجا غير فجك" وقد أخبر الله في كتابه عن هرب الشيطان من
[ ص: 107 ] الملائكة حيث قال:
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=48وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم وقال لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم فلما تراءت الفئتان نكص على عقبيه وقال إني بريء منكم إني أرى ما لا ترون إني أخاف الله والله شديد العقاب [الأنفال: 48] فإذا كان ملعونا مبعدا مطرودا عن أن يجتمع بملائكة الله، أو يسمع منهم ما يتكلمون به من الوحي، فمن المعلوم أن بعده عن الله أعظم، وتنزه الله وتقديسه عن قرب الشياطين [أولى]. فإذا كان كثير من الأمكنة مملوءا. وكان تعالى في كل مكان، كان الشياطين قريبين منه غير مبعدين عنه ولا مطرودين؛ بل كانوا متمكنين من سمع كلامه منه -دع الملائكة- وهذا مما يعلم بالاضطرار وجوب تنزه الله وتقديسه عنه: أعظم من تنزيه الملائكة والأنبياء والصالحين، وكلامه الذي يبلغه هؤلاء ومواضع عباداته، فإن نفسه أحق بالتنزيه والتقديس من جميع هذه الأعيان
[ ص: 108 ] المخلوقة، ومن كلامه الذي يتلوه هؤلاء.
ثم أجاب
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد عن حجتهم. فقال: "وأما
nindex.php?page=treesubj&link=29639_28730_28728معنى قوله تبارك وتعالى: nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=3وهو الله في السماوات وفي الأرض [الأنعام: 3] يقول: هو إله من في السموات وإله من في الأرض، وهو على العرش، وقد أحاط بعلمه ما دون العرش، ولا يخلو من علم الله مكان؛ ولا يكون علم الله في مكان دون مكان، / وكذلك قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=12لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علما [الطلاق: 12].
ثم ذكر
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد حجة اعتبارية عقلية قياسية لإمكان ذلك هي من "باب الأولى" قال: "ومن الاعتبار في ذلك: لو أن رجلا كان في يده قدح من قوارير صاف وفيه شيء كان بصر ابن
آدم قد أحاط بالقدح من غير أن يكون ابن
آدم في القدح، فالله سبحانه له المثل الأعلى قد أحاط بجميع خلقه
[ ص: 109 ] من غير أن يكون في شيء من خلقه".
قلت: وقد تقدم أن كل ما يثبت من صفات الكمال للخلق، فالخالق أحق به وأولى. فضرب
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد رحمه الله مثلا، وذكر قياسا، وهو أن العبد إذا أمكنه أن يحيط بصره بما في يده وقبضته من غير أن يكون داخلا فيه ولا محايثا له، فالله سبحانه أولى باستحقاق ذلك واتصافه به، وأحق بأن لا يكون ذلك ممتنعا في حقه. وذكر أحمد في ضمن هذا القياس لقول الله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=27وله المثل الأعلى مطابق لما ذكرناه من أن الله له قياس الأولى والأحرى بالمثل الأعلى؛ إذ القياس الأولى والأحرى هو من المثل الأعلى. وأما المثل المساوي أو الناقص فليس لله بحال.
ففي هذا الكلام الذي ذكره، واستدلاله بهذه الآية تحقيق لما قدمناه من أن الأقيسة في باب صفات الله، وهي أقيسة الأولى كما ذكره من هذا القياس؛ فإن العبد إذا كان هذا الكمال ثابتا له، فالله الذي له المثل الأعلى أحق بذلك.
ثم ذكر قياسا آخر فقال: "وخصلة أخرى لو أن رجلا بنى دارا بجميع مرافقها، ثم أغلق بابها، وخرج منها كان لا يخفى عليه كم بيت في داره، وكم سعة كل بيت من غير أن يكون صاحب الدار في جوف الدار، فالله سبحانه له المثل الأعلى، قد
[ ص: 110 ] أحاط بجميع ما خلق وقد علم كيف هو، وما هو من غير أن يكون في جوف شيء مما خلق".
وهذا أيضا قياس عقلي من قياس الأولى، قرر به إمكان العلم بدون المخالطة، فذكر أن العبد إذا فعل مصنوعا كدار بناها فإنه يعلم مقدارها، وعدد بيوتها، مع كونه ليس هو فيها، لكونه هو بناها، فالله الذي خلق كل شيء أليس هو أحق بأن يعلم مخلوقاته ومقاديرها وصفاتها، وإن لم يكن فيها محايثا لها، وهذا من أبين الأدلة العقلية.
وهذان القياسان أحدهما: لإحاطته بخلقه، إذ الخلق جميعا في قبضته، وهو محيط بهم وببصره.
والثاني لعلمه بهم؛ لأنه هو الخالق، كما قال سبحانه:
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=14ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير [الملك: 14].
وهؤلاء
الجهمية نفاة الصفات كثيرا ما يجمعون بين نفي علوه وكونه فوق العالم، وبين الريب في علمه؛ فإن كثيرا منهم مستريب في علمه، لا سيما من تفلسف منهم: فتارة يقولون: لا علم له. وتارة يقولون: لا يعلم إلا نفسه. وتارة
[ ص: 111 ] يقولون: إنما يعلم غيره على وجه كلي. ولهم من الاضطراب في "مسألة العلم" ما هو نظير اضطرابهم في "علوه وفوقيته". وكان ما ذكره الله في كتابه وما كان عليه سلف الأمة وأئمتها من الجمع بين هذين ردا لضلال هؤلاء في الأمرين، كما قال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=4هو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو معكم أين ما كنتم والله بما تعملون بصير [الحديد: 4] وهؤلاء جاحدون، أو مستريبون بأنه فوق العرش، وبأنه معنا أينما كنا. ومن هؤلاء طوائف موجودون وإن كان لهم من الفضيلة والذكاء ما تميزوا به على من لم يشركهم في ذلك، ولهم من السمعة والرياسة ما لهم، ففيهم من الجهل والنفاق هذا وغيره، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد: "ومما تأول
الجهمية من قول الله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=7ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم الآية. قالوا: إن الله عز وجل معنا وفينا. فقلنا: لم قطعتم الخبر من أوله؟ إن الله يقول:
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=7ألم تر أن الله يعلم ما في السماوات وما في الأرض ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم يعني أن الله
[ ص: 112 ] بعلمه رابعهم
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=7ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم يعني بعلمه فيهم
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=7أين ما كانوا ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة إن الله بكل شيء عليم [المجادلة: 7] يفتح الخبر بعلمه، ويختم الخبر بعلمه".
ثُمَّ ذَكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدُ حُجَّةً أُخْرَى عَقْلِيَّةً قِيَاسِيَّةً قَالَ:
nindex.php?page=treesubj&link=28730 "وَقُلْنَا لَهُمْ: أَلَيْسَ تَعْلَمُونَ أَنَّ إِبْلِيسَ مَكَانُهُ مَكَانٌ، وَمَكَانُ الشَّيَاطِينِ مَكَانُهُمْ مَكَانٌ؛ فَلَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَجْتَمِعَ هُوَ وَإِبْلِيسُ فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ". [ ص: 103 ] وَهَذَا التَّنْزِيهُ عَنْ مُجَامَعَةِ الْخَبِيثِ النَّجِسِ مِنَ الْأَحْيَاءِ نَظِيرُ التَّنْزِيهِ عَنْ مُجَامَعَةِ الْخَبِيثِ النَّجِسِ مِنَ الْجَمَادَاتِ؛ وَلِهَذَا
nindex.php?page=treesubj&link=1348_1349_1350نُهِيَ عَنِ الصَّلَاةِ فِي الْمَوَاطِنِ الَّتِي تَسْكُنُهَا الشَّيَاطِينُ كَالْحَمَّامِ وَالْحُشِّ وَأَعْطَانِ الْإِبِلِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ الْمَكَانُ لَيْسَ فِيهِ مِنَ النَّجَاسَاتِ الْجَامِدَةِ شَيْءٌ، بَلْ أَرْوَاثُ الْإِبِلِ طَاهِرَةٌ؛ بَلْ قَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ / فِي الصَّحِيحِ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ، أَنَّهُ ذَكَرَ أَنَّ
nindex.php?page=hadith&LINKID=683916الْكَلْبَ [ ص: 104 ] يَقْطَعُ الصَّلَاةَ، وَخَصَّهُ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ بِالْأَسْوَدِ، وَقَالَ إِنَّهُ شَيْطَانٌ. لَمَّا سُئِلَ عَنِ الْفَرْقِ بَيْنَ الْأَحْمَرِ وَالْأَبْيَضِ وَالْأَسْوَدِ فَقَالَ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=662680 "الْأَسْوَدُ شَيْطَانٌ". وَفِي الصَّحِيحِ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=688473 "إِنَّ الشَّيْطَانَ تَفَلَّتَ عَلَيَّ الْبَارِحَةَ، فَأَرَادَ أَنْ يَقْطَعَ عَلَيَّ صَلَاتِي، فَأَمْكَنَنِي اللَّهُ مِنْهُ فَأَخَذْتُهُ فَذِعْتُهُ" وَلِهَذَا
nindex.php?page=treesubj&link=1517أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمُقَاتَلَةِ الْمَارِّ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي، وَقَالَ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=657792 "إِنَّ مَعَهُ الْقَرِينَ". فَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=1522_1521مُرُورُ [ ص: 105 ] الْإِنْسِيِّ، فَقَدْ قَالَ nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنُ مَسْعُودٍ: إِنَّهُ يَذْهَبُ بِنِصْفِ أَجْرِ الصَّلَاةِ. وَأَمَّا شَيْطَانُ الْجِنِّ فَقَدْ قَالَ طَائِفَةٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ مِنْ أَصْحَابِ nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدَ وَغَيْرِهِمْ: إِنَّهُ يَقْطَعُ الصَّلَاةَ إِذَا عَلِمَ ذَلِكَ، كَمَا يَقْطَعُهَا الْكَلْبُ الْأَسْوَدُ الْبَهِيمُ الَّذِي هُوَ شَيْطَانُ الدَّوَابِّ. [ ص: 106 ] وَأَيْضًا فَالشَّيْطَانُ مَلْعُونٌ رَجِيمٌ كَمَا قَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=117وَإِنْ يَدْعُونَ إِلا شَيْطَانًا مَرِيدًا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=118لَعَنَهُ اللَّهُ [النِّسَاءِ 117، 118] وَقَدْ أَخْبَرَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=34108الشَّيَاطِينَ تُرْجَمُ بِالشُّهُبِ لِئَلَّا تَسْتَرِقَ السَّمْعَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، فَقَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=6إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=7وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=8لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلإِ الأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=9دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=10إِلا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ [الصَّافَّاتِ: 6 - 10].
وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ عِبَادَهُ بِالِاسْتِعَاذَةِ مِنَ الشَّيْطَانِ فَقَدْ قَالَ لِكَبِيرِهِمْ فِي السَّمَاءِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=18اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَدْحُورًا لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ [الْأَعْرَافِ: 18] وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِبَعْضِ عِبَادِ اللَّهِ وَهُوَ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: nindex.php?page=hadith&LINKID=682237 "مَا رَآكَ الشَّيْطَانُ سَالِكًا فَجًّا إِلَّا سَلَكَ فَجًّا غَيْرَ فَجِّكَ" وَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ عَنْ هَرَبِ الشَّيْطَانِ مِنَ
[ ص: 107 ] الْمَلَائِكَةِ حَيْثُ قَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=48وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمُ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ [الْأَنْفَالِ: 48] فَإِذَا كَانَ مَلْعُونًا مُبْعَدًا مَطْرُودًا عَنْ أَنْ يَجْتَمِعَ بِمَلَائِكَةِ اللَّهِ، أَوْ يَسْمَعَ مِنْهُمْ مَا يَتَكَلَّمُونَ بِهِ مِنَ الْوَحْيِ، فَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ بُعْدَهُ عَنِ اللَّهِ أَعْظَمُ، وَتَنَزُّهَ اللَّهِ وَتَقْدِيسَهُ عَنْ قُرْبِ الشَّيَاطِينِ [أَوْلَى]. فَإِذَا كَانَ كَثِيرٌ مِنَ الْأَمْكِنَةِ مَمْلُوءًا. وَكَانَ تَعَالَى فِي كُلِّ مَكَانٍ، كَانَ الشَّيَاطِينُ قَرِيبِينَ مِنْهُ غَيْرَ مُبْعَدِينَ عَنْهُ وَلَا مَطْرُودِينَ؛ بَلْ كَانُوا مُتَمَكِّنِينَ مِنْ سَمْعِ كَلَامِهِ مِنْهُ -دَعِ الْمَلَائِكَةَ- وَهَذَا مِمَّا يُعْلَمُ بِالِاضْطِرَارِ وُجُوبُ تَنَزُّهِ اللَّهِ وَتَقْدِيسِهِ عَنْهُ: أَعْظَمُ مِنْ تَنْزِيهِ الْمَلَائِكَةِ وَالْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ، وَكَلَامُهُ الَّذِي يُبَلِّغُهُ هَؤُلَاءِ وَمَوَاضِعُ عِبَادَاتِهِ، فَإِنَّ نَفْسَهُ أَحَقُّ بِالتَّنْزِيهِ وَالتَّقْدِيسِ مِنْ جَمِيعِ هَذِهِ الْأَعْيَانِ
[ ص: 108 ] الْمَخْلُوقَةِ، وَمِنْ كَلَامِهِ الَّذِي يَتْلُوهُ هَؤُلَاءِ.
ثُمَّ أَجَابَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ حُجَّتِهِمْ. فَقَالَ: "وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=29639_28730_28728مَعْنَى قَوْلِهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=3وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الأَرْضِ [الْأَنْعَامِ: 3] يَقُولُ: هُوَ إِلَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَإِلَهُ مَنْ فِي الْأَرْضِ، وَهُوَ عَلَى الْعَرْشِ، وَقَدْ أَحَاطَ بِعِلْمِهِ مَا دُونَ الْعَرْشِ، وَلَا يَخْلُو مِنْ عِلْمِ اللَّهِ مَكَانٌ؛ وَلَا يَكُونُ عِلْمُ اللَّهِ فِي مَكَانٍ دُونَ مَكَانٍ، / وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=12لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا [الطَّلَاقِ: 12].
ثُمَّ ذَكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251الْإِمَامُ أَحْمَدُ حُجَّةً اعْتِبَارِيَّةً عَقْلِيَّةً قِيَاسِيَّةً لِإِمْكَانِ ذَلِكَ هِيَ مِنْ "بَابِ الْأَوْلَى" قَالَ: "وَمِنَ الاعْتِبَارِ فِي ذَلِكَ: لَوْ أَنَّ رَجُلًا كَانَ فِي يَدِهِ قَدَحٌ مِنْ قَوَارِيرَ صَافٍ وَفِيهِ شَيْءٌ كَانَ بَصَرُ ابْنِ
آدَمَ قَدْ أَحَاطَ بِالْقَدَحِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ ابْنُ
آدَمَ فِي الْقَدَحِ، فَاللَّهُ سُبْحَانَهُ لَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى قَدْ أَحَاطَ بِجَمِيعِ خَلْقِهِ
[ ص: 109 ] مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ فِي شَيْءٍ مِنْ خَلْقِهِ".
قُلْتُ: وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ كُلَّ مَا يَثْبُتُ مِنْ صِفَاتِ الْكَمَالِ لِلْخَلْقِ، فَالْخَالِقُ أَحَقُّ بِهِ وَأَوْلَى. فَضَرَبَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ مَثَلًا، وَذَكَرَ قِيَاسًا، وَهُوَ أَنَّ الْعَبْدَ إِذَا أَمْكَنَهُ أَنْ يُحِيطَ بَصَرُهُ بِمَا فِي يَدِهِ وَقَبْضَتِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ دَاخِلًا فِيهِ وَلَا مُحَايِثًا لَهُ، فَاللَّهُ سُبْحَانَهُ أَوْلَى بِاسْتِحْقَاقِ ذَلِكَ وَاتِّصَافِهِ بِهِ، وَأَحَقُّ بِأَنْ لَا يَكُونَ ذَلِكَ مُمْتَنِعًا فِي حَقِّهِ. وَذِكْرُ أَحْمَدَ فِي ضِمْنِ هَذَا الْقِيَاسِ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=27وَلَهُ الْمَثَلُ الأَعْلَى مُطَابِقٌ لِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ قِيَاسُ الْأَوْلَى وَالْأَحْرَى بِالْمَثَلِ الْأَعْلَى؛ إِذِ الْقِيَاسُ الْأَوْلَى وَالْأَحْرَى هُوَ مِنَ الْمَثَلِ الْأَعْلَى. وَأَمَّا الْمَثَلُ الْمُسَاوِي أَوِ النَّاقِصُ فَلَيْسَ لِلَّهِ بِحَالٍ.
فَفِي هَذَا الْكَلَامِ الَّذِي ذَكَرَهُ، وَاسْتِدْلَالِهِ بِهَذِهِ الْآيَةِ تَحْقِيقٌ لِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّ الْأَقْيِسَةَ فِي بَابِ صِفَاتِ اللَّهِ، وَهِيَ أَقْيِسَةُ الْأَوْلَى كَمَا ذَكَرَهُ مِنْ هَذَا الْقِيَاسِ؛ فَإِنَّ الْعَبْدَ إِذَا كَانَ هَذَا الْكَمَالُ ثَابِتًا لَهُ، فَاللَّهُ الَّذِي لَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى أَحَقُّ بِذَلِكَ.
ثُمَّ ذَكَرَ قِيَاسًا آخَرَ فَقَالَ: "وَخَصْلَةٌ أُخْرَى لَوْ أَنَّ رَجُلًا بَنَى دَارًا بِجَمِيعِ مَرَافِقِهَا، ثُمَّ أَغْلَقَ بَابَهَا، وَخَرَجَ مِنْهَا كَانَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ كَمْ بَيْتٍ فِي دَارِهِ، وَكَمْ سِعَةِ كُلِّ بَيْتٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ صَاحِبُ الدَّارِ فِي جَوْفِ الدَّارِ، فَاللَّهُ سُبْحَانَهُ لَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى، قَدْ
[ ص: 110 ] أَحَاطَ بِجَمِيعِ مَا خَلَقَ وَقَدْ عَلِمَ كَيْفَ هُوَ، وَمَا هُوَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ فِي جَوْفِ شَيْءٍ مِمَّا خَلَقَ".
وَهَذَا أَيْضًا قِيَاسٌ عَقْلِيٌّ مِنْ قِيَاسِ الْأَوْلَى، قَرَّرَ بِهِ إِمْكَانَ الْعِلْمِ بِدُونِ الْمُخَالَطَةِ، فَذَكَرَ أَنَّ الْعَبْدَ إِذَا فَعَلَ مَصْنُوعًا كَدَارٍ بَنَاهَا فَإِنَّهُ يَعْلَمُ مِقْدَارَهَا، وَعَدَدَ بُيُوتِهَا، مَعَ كَوْنِهِ لَيْسَ هُوَ فِيهَا، لِكَوْنِهِ هُوَ بَنَاهَا، فَاللَّهُ الَّذِي خَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ أَلَيْسَ هُوَ أَحَقَّ بِأَنْ يَعْلَمَ مَخْلُوقَاتِهِ وَمَقَادِيرَهَا وَصِفَاتِهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا مُحَايِثًا لَهَا، وَهَذَا مِنْ أَبْيَنِ الْأَدِلَّةِ الْعَقْلِيَّةِ.
وَهَذَانِ الْقِيَاسَانِ أَحَدُهُمَا: لِإِحَاطَتِهِ بِخَلْقِهِ، إِذِ الْخَلْقُ جَمِيعًا فِي قَبْضَتِهِ، وَهُوَ مُحِيطٌ بِهِمْ وَبِبَصَرِهِ.
وَالثَّانِي لِعِلْمِهِ بِهِمْ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْخَالِقُ، كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=14أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ [الْمُلْكِ: 14].
وَهَؤُلَاءِ
الْجَهْمِيَّةُ نُفَاةُ الصِّفَاتِ كَثِيرًا مَا يَجْمَعُونَ بَيْنَ نَفْيِ عُلُوِّهِ وَكَوْنِهِ فَوْقَ الْعَالَمِ، وَبَيْنَ الرَّيْبِ فِي عِلْمِهِ؛ فَإِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مُسْتَرِيبٌ فِي عِلْمِهِ، لَا سِيَّمَا مَنْ تَفَلْسَفَ مِنْهُمْ: فَتَارَةً يَقُولُونَ: لَا عِلْمَ لَهُ. وَتَارَةً يَقُولُونَ: لَا يَعْلَمُ إِلَّا نَفْسَهُ. وَتَارَةً
[ ص: 111 ] يَقُولُونَ: إِنَّمَا يَعْلَمُ غَيْرُهُ عَلَى وَجْهٍ كُلِّيٍّ. وَلَهُمْ مِنَ الاضْطِرَابِ فِي "مَسْأَلَةِ الْعِلْمِ" مَا هُوَ نَظِيرُ اضْطِرَابِهِمْ فِي "عُلُوِّهِ وَفَوْقِيَّتِهِ". وَكَانَ مَا ذَكَرَهُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ وَمَا كَانَ عَلَيْهِ سَلَفُ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتُهَا مِنَ الْجَمْعِ بَيْنَ هَذَيْنِ رَدًّا لِضَلَالِ هَؤُلَاءِ فِي الْأَمْرَيْنِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=4هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ [الْحَدِيدِ: 4] وَهَؤُلَاءِ جَاحِدُونَ، أَوْ مُسْتَرِيبُونَ بِأَنَّهُ فَوْقَ الْعَرْشِ، وَبِأَنَّهُ مَعَنَا أَيْنَمَا كُنَّا. وَمِنْ هَؤُلَاءِ طَوَائِفُ مَوْجُودُونَ وَإِنْ كَانَ لَهُمْ مِنَ الْفَضِيلَةِ وَالذَّكَاءِ مَا تَمَيَّزُوا بِهِ عَلَى مَنْ لَمْ يُشْرِكْهُمْ فِي ذَلِكَ، وَلَهُمْ مِنَ السُّمْعَةِ وَالرِّيَاسَةِ مَا لَهُمْ، فَفِيهِمْ مِنَ الْجَهْلِ وَالنِّفَاقِ هَذَا وَغَيْرُهُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ.
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251الْإِمَامُ أَحْمَدُ: "وَمِمَّا تَأَوَّلَ
الْجَهْمِيَّةُ مِنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=7مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلا هُوَ سَادِسُهُمْ الْآيَةَ. قَالُوا: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ مَعَنَا وَفِينَا. فَقُلْنَا: لِمَ قَطَعْتُمُ الْخَبَرَ مِنْ أَوَّلِهِ؟ إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=7أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلا هُوَ رَابِعُهُمْ يَعْنِي أَنَّ اللَّهَ
[ ص: 112 ] بِعِلْمِهِ رَابِعُهُمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=7وَلا خَمْسَةٍ إِلا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلا هُوَ مَعَهُمْ يَعْنِي بِعِلْمِهِ فِيهِمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=7أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [الْمُجَادَلَةِ: 7] يَفْتَحُ الْخَبَرَ بِعِلْمِهِ، وَيَخْتِمُ الْخَبَرَ بِعِلْمِهِ".