[ ص: 91 ] فصل
nindex.php?page=treesubj&link=26460_28713_28712قال الرازي: "الثامن: قوله تعالى: nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=26فأتى الله بنيانهم من القواعد [النحل: 26]، ولا بد فيه من التأويل".
والكلام على هذا أن يقال:
nindex.php?page=treesubj&link=28710التأويل هو: صرف اللفظ عن معناه الظاهر إلى معنى آخر لدليل. وهذه الآية ليس ظاهرها والمعنى المفهوم منها أن الله -سبحانه- نفسه جاءت ذاته من أسفل الجدران، كما تجيء الهوام والحشرات من أسفل البنيان، وكما يخرج المحاصرون للحصون من أسفلها إذا نقبوا الأساس.
[بل ظاهرها المراد هدم الله بنيانهم من أصله. والقواعد جمع قاعدة، وهي الأساس، وكان بعضهم يقول: هذا مثل للاستئصال، وإنما معناه: أن الله استأصلهم، والعرب تقول ذلك إذا استؤصل الشيء، قاله
ابن جرير، وفي كتب اللغة يقال:
[ ص: 92 ] أتي فلان إذا أطل عليه العدو، وقد أتيت يا فلان، إذا أنذر عدوا أشرف عليه.
قال الله عز وجل في النحل-:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=26فأتى الله بنيانهم من القواعد [النحل: 26]، أي هدم بنيانهم وقلع بنيانهم من قواعده، وأساسه، فهدمه عليهم، حتى أهلكهم، فأي حاجة حينئذ إلى التأويل.
[ ص: 91 ] فَصْلٌ
nindex.php?page=treesubj&link=26460_28713_28712قَالَ الرَّازِيُّ: "الثَّامِنُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=26فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ [النَّحْلِ: 26]، وَلَا بُدَّ فِيهِ مِنَ التَّأْوِيلِ".
وَالْكَلَامُ عَلَى هَذَا أَنْ يُقَالَ:
nindex.php?page=treesubj&link=28710التَّأْوِيلُ هُوَ: صَرْفُ اللَّفْظِ عَنْ مَعْنَاهُ الظَّاهِرِ إِلَى مَعْنًى آخَرَ لِدَلِيلٍ. وَهَذِهِ الْآيَةُ لَيْسَ ظَاهِرُهَا وَالْمَعْنَى الْمَفْهُومُ مِنْهَا أَنَّ اللَّهَ -سُبْحَانَهُ- نَفْسَهُ جَاءَتْ ذَاتُهُ مِنْ أَسْفَلِ الْجُدْرَانِ، كَمَا تَجِيءُ الْهَوَامُّ وَالْحَشَرَاتُ مِنْ أَسْفَلِ الْبُنْيَانِ، وَكَمَا يَخْرُجُ الْمُحَاصِرُونَ لِلْحُصُونِ مِنْ أَسْفَلِهَا إِذَا نَقَبُوا الْأَسَاسَ.
[بَلْ ظَاهِرُهَا الْمُرَادُ هَدْمُ اللَّهِ بُنْيَانَهُمْ مِنْ أَصْلِهِ. وَالْقَوَاعِدُ جَمْعُ قَاعِدَةٍ، وَهِيَ الْأَسَاسُ، وَكَانَ بَعْضُهُمْ يَقُولُ: هَذَا مَثَلٌ لِلِاسْتِئْصَالِ، وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ: أَنَّ اللَّهَ اسْتَأْصَلَهُمْ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ ذَلِكَ إِذَا اسْتُؤْصِلَ الشَّيْءُ، قَالَهُ
ابْنُ جَرِيرٍ، وَفِي كُتُبِ اللُّغَةِ يُقَالُ:
[ ص: 92 ] أُتِيَ فُلَانٌ إِذَا أَطَلَّ عَلَيْهِ الْعَدُوُّ، وَقَدْ أَتَيْتُ يَا فُلَانُ، إِذَا أَنْذَرَ عَدُوًّا أَشْرَفَ عَلَيْهِ.
قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي النَّحْلِ-:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=26فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ [النَّحْلِ: 26]، أَيْ هَدَمَ بُنْيَانَهُمْ وَقَلَعَ بُنْيَانَهُمْ مِنْ قَوَاعِدِهِ، وَأَسَاسِهِ، فَهَدَمَهُ عَلَيْهِمْ، حَتَّى أَهْلَكَهُمْ، فَأَيُّ حَاجَةٍ حِينَئِذٍ إِلَى التَّأْوِيلِ.