ويقال لأهل البدع: لم زعمتم أن
nindex.php?page=treesubj&link=28713_28712_29716معنى قوله بيدي نعمتي؟ أزعمتم ذلك إجماعا أو لغة؟ فلا يجدون ذلك في إجماع ولا في لغة، فإن قالوا: قلنا ذلك من
[ ص: 341 ] القياس، قيل لهم: من أين وجدتم في القياس أن قول الله عز وجل:
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=75خلقت بيدي [ص 75] لا يكون معناه إلا نعمتي، ومن أين يمكن أن يعلم العقل أن يفسر لفظة كذا وكذا مع أنا رأينا الله عز وجل قد قال في كتابه الناطق على لسان نبيه الصادق :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=4وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه [إبراهيم 4] .
وقال سبحانه :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=82أفلا يتدبرون القرآن [النساء 82] ولولا أن القرآن بلسان العرب ما جاز أن تتدبره
[ ص: 342 ] ولا أن تعرف العرب معانيه إذا سمعته، فلما كان من يحسن كلام العرب لا يحسنه وإنما يعرفه العرب إذا سمعوه علم أنهم علموه لأنه بلسانهم نزل.
قال: وقد اعتل معتل بقول الله عز وجل :
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=47والسماء بنيناها بأيد [الذاريات 47]، قال: الأيدي القوة، فوجب أن يكون معنى قوله بيدي أي بقدرتي، قيل لهم: هذا التأويل فاسد من وجوه:
أحدها أن الأيد ليس بجمع اليد؛ لأن جمع يد أيدي وجمع اليد التي هي نعمة أيادي، والله عز وجل لم
[ ص: 343 ] يقل بأيدي ولا قال بأيادي، وإنما قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=75لما خلقت بيدي [ص 75] فبطل أن يكون معنى قوله بيدي معنى قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=47بنيناها بأيد [الذاريات 47].
وأيضا فلو أراد القوة لكان معنى ذلك بقدرتي، وهذا مناقض لقول مخالفينا ومجانب لمذاهبهم؛ لأنهم لا يثبتون قدرة الله عز وجل، فكيف يثبتون قدرتين؟
وَيُقَالُ لِأَهْلِ الْبِدَعِ: لِمَ زَعَمْتُمْ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28713_28712_29716مَعْنَى قَوْلِهِ بِيَدِيَّ نِعْمَتِي؟ أَزْعَمْتُمْ ذَلِكَ إِجْمَاعًا أَوْ لُغَةً؟ فَلَا يَجِدُونَ ذَلِكَ فِي إِجْمَاعٍ وَلَا فِي لُغَةٍ، فَإِنْ قَالُوا: قُلْنَا ذَلِكَ مِنَ
[ ص: 341 ] الْقِيَاسِ، قِيلَ لَهُمْ: مِنْ أَيْنَ وَجَدْتُمْ فِي الْقِيَاسِ أَنَّ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ:
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=75خَلَقْتُ بِيَدَيَّ [ص 75] لَا يَكُونُ مَعْنَاهُ إِلَّا نِعْمَتِي، وَمِنْ أَيْنَ يُمْكِنُ أَنْ يُعَلِّمَ الْعَقْلَ أَنْ يُفَسِّرَ لَفْظَةَ كَذَا وَكَذَا مَعَ أَنَّا رَأَيْنَا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ قَالَ فِي كِتَابِهِ النَّاطِقِ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ الصَّادِقِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=4وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلا بِلِسَانِ قَوْمِهِ [إِبْرَاهِيمُ 4] .
وَقَالَ سُبْحَانَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=82أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ [النِّسَاءُ 82] وَلَوْلَا أَنَّ الْقُرْآنَ بِلِسَانِ الْعَرَبِ مَا جَازَ أَنْ تَتَدَبَّرَهُ
[ ص: 342 ] وَلَا أَنْ تَعْرِفَ الْعَرَبُ مَعَانِيَهُ إِذَا سَمِعَتْهُ، فَلَمَّا كَانَ مَنْ يُحْسِنُ كَلَامَ الْعَرَبِ لَا يُحْسِنُهُ وَإِنَّمَا يَعْرِفُهُ الْعَرَبُ إِذَا سَمِعُوهُ عُلِمَ أَنَّهُمْ عَلِمُوهُ لِأَنَّهُ بِلِسَانِهِمْ نَزَلَ.
قَالَ: وَقَدِ اعْتَلَّ مُعْتَلٌّ بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ :
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=47وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ [الذَّارِيَاتُ 47]، قَالَ: الْأَيْدِي الْقُوَّةُ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ بِيَدَيَّ أَيْ بِقُدْرَتِي، قِيلَ لَهُمْ: هَذَا التَّأْوِيلُ فَاسِدٌ مِنْ وُجُوهٍ:
أَحَدُهَا أَنَّ الْأَيْدَ لَيْسَ بِجَمْعِ الْيَدِ؛ لِأَنَّ جَمْعَ يَدٍ أَيْدِي وَجَمْعَ الْيَدِ الَّتِي هِيَ نِعْمَةٌ أَيَادِي، وَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ
[ ص: 343 ] يَقُلْ بِأَيْدِي وَلَا قَالَ بِأَيَادِي، وَإِنَّمَا قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=75لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ [ص 75] فَبَطَلَ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ بِيَدَيَّ مَعْنَى قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=47بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ [الذَّارِيَاتُ 47].
وَأَيْضًا فَلَوْ أَرَادَ الْقُوَّةَ لَكَانَ مَعْنَى ذَلِكَ بِقُدْرَتِي، وَهَذَا مُنَاقِضٌ لِقَوْلِ مُخَالِفِينَا وَمُجَانِبٌ لِمَذَاهِبِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يُثْبِتُونَ قُدْرَةَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَكَيْفَ يُثْبِتُونَ قُدْرَتَيْنِ؟