الوجه الرابع: أنه قد قال: وفي لفظ: «فيأتيهم الله في صورة غير صورته التي يعرفون فيقولون: نعوذ بالله منك، هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا»، ومعلوم أن أحدا من الملائكة لا يقول للخلق: أنا ربكم، بل لا يدعي هذه الدعوى إلا كافر بالله [ ص: 87 ] تعالى «أتاهم الله في أدنى صورة من التي رأوه فيها أول مرة، فيقول: أنا ربكم» كفرعون والدجال والشيطان. بل كما قال تعالى: الملائكة عباد مطيعون لله تعالى لا يدعون الربوبية ولا الألوهية، ومن يقل منهم إني إله من دونه فذلك نجزيه جهنم كذلك نجزي الظالمين [الأنبياء: 29] ولا يأمر الله أحدا من الخلق أن يقول لجميع العباد: أنا ربكم؛ فإنه تعالى لا يأمر بالشرك، ومن زعم أن الله يأمر بهذا فهو مفتر على الله، وإن كان الملك يقوله امتحانا فهذا لا يصلح، كما لا يصلح أن يقول أحد من الأنبياء والمرسلين للناس: أنا ربكم، على سبيل الامتحان.
وأما ما ذكره من امتحان الناس في عرصات القيامة فلا ننكره، فإن المحنة إنما تنقطع بدخول دار الجزاء الجنة أو النار، فأما عرصات القيامة فإن المحنة في هذا وفي أمره لهم بالسجود وفيما ورد من تكليف من لم يكلف في الدنيا من الأطفال والمجانين كما أنهم يمتحنون في قبورهم بمسألة منكر [ ص: 88 ] ونكير، لكن المحنة من الملك أن يقول للعبد من ربك ومن نبيك.