وأما ما نقل عن أنه قال: مزين فهذا لا أصل له ولم يعز ذلك إلى حيث يقبل، وهو بالكذب على أبي بن كعب أبي أشبه، فإن تفسير لهذه الآية معروف بالإسناد، رواه [ ص: 526 ] العلماء أبي بن كعب وغيره عن كعبد الله بن المبارك عن الربيع بن أنس عن أبي العالية أبي بن كعب.
/ وقد رواه عامة الأئمة المصنفين في التفسير بالإسناد، كما كانت عادة أئمة السلف مثل ابن جريج ومعمر ووكيع وهشيم وابن المبارك وعبد الرزاق [ ص: 527 ] والإمام أحمد وخلائق غيرهم، وقد رواه وإسحاق بن راهويه في تفسيره عبد بن حميد وذكره ومحمد بن جرير، في تفسيره من طريق الإمام أبو بكر بن المنذر ثنا عبد بن حميد عن عبيد الله بن موسى عن أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس أبي العالية في قول [ ص: 528 ] الله: أبي بن كعب الله نور السماوات والأرض قال فبدأ بنور نفسه فذكره، ثم ذكر نور المؤمن فقال: مثل نوره يقول: مثل نور المؤمن"، قال: "فكان يقرأها كذلك: (مثل نوره مثل نور المؤمن) قال: فهو عبد جعل الإيمان والقرآن في صدره قال: قلت: أبي بن كعب كمشكاة قال: المشكاة صدره عن فيها مصباح قال: المصباح القرآن والإيمان الذي جعل في صدره، قال: المصباح في زجاجة قال: الزجاجة قلبه، قال: الزجاجة كأنها كوكب دري قال: قلبه مما استنار فيه القرآن والإيمان، كأنه كوكب دري، يقول مضيء: يوقد من شجرة مباركة قال: فالشجرة المباركة الإخلاص لله وحده وعبادته لا شريك له لا شرقية ولا غربية قال: فمثله كمثل شجرة التف بها الشجر فهي خضراء ناعمة، لا تصيبها الشمس على أي حال كانت، [ ص: 529 ] لا إذا طلعت ولا إذا غربت. قال: فكذلك هذا المؤمن قد أجير من أن يضله شيء من الفتن وقد ابتلي بها فثبته الله فيها، فهو بين أربع خلال: إن أعطي شكر، وإن ابتلي صبر، وإن قال صدق، وإن حكم عدل، فهو في سائر الناس كالرجل [الحي] يمشي في قبور الأموات، قال: نور على نور فهو يتقلب في خمسة من النور: فكلامه نور، وعمله نور، ومدخله نور، ومخرجه نور، ومصيره إلى النور يوم القيامة إلى الجنة" قال: "ثم ضرب مثل الكافر: والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة الآية قال: فكذلك الكافر [يجيء] في يوم القيامة وهو يحسب أن له عند الله خيرا فلا يجده فيدخله الله النار" قال: وضرب مثلا آخر للكافر فقال: أو كظلمات في بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج الآية فهو يتقلب في خمسة من الظلم: فكلامه ظلمة، وعمله ظلمة، ومدخله ظلمة، ومخرجه ظلمة، [ ص: 530 ] ومصيره إلى الظلمات إلى النار".