( ومنها ) إذا نص رهنه اثنان عينين أو عينا لهما صفقة واحدة على دين له عليهما مثل أن يرهناه دارا لهما على ألف درهم له عليهما في رواية أحمد على أن أحدهما إذا قضى ما عليه ولم يقض الآخر أن الدار رهن على ما بقي . فظاهر هذا أنه جعل نصيب كل واحد [ رهنا ] بجميع الحق توزيعا للمفرد على الجملة لا على المفرد وبذلك جزم مهنا أبو بكر في التنبيه وابن أبي موسى وهو المذهب عند صاحب التلخيص . وأبو الخطاب
قال : هذا بناء على الرواية التي تقول : إن عقد الاثنين مع الواحد في حكم الصفقة الواحدة . أما إذا قلنا بالمذهب الصحيح في حكم عقدين كان نصيب كل واحد مرهونا بنصف الدين قال : ويجوز أن يكون كل واحد منهما لما رهن صار كفيلا عن صاحبه فلا ينفك الرهن في نصيبه حتى يؤدي بجميع ما عليه ، وتأوله [ أيضا ] في موضع آخر على أن كل واحد منهما كفيلا عن صاحبه فإذا قضى أحدهما لم ينفك حقه من الرهن ; لأنه مطالب بما ضمنه . القاضي
قال : وأما إن لم يضمن كل واحد منهما ما على صاحبه فله الرجوع بقدر حصته . وليس في كلام ما يدل على الضمان وقد نبه على ذلك الشيخ أحمد وقال : على هذا يصح الرهن ممن ليس الدين عليه وعلى الأول لا يصح ، وتأول مجد الدين أيضا في المجرد القاضي وصاحب المغني كلام وابن عقيل على أن الرهن انفك في نصيب الموفي للدين لكن ليس للراهن مقاسمة المرتهن [ ص: 253 ] لما عليه من الضرر لا لمعنى أن المعين يكون كلها رهنا وبمثل ذلك تأول صاحب المغني ما قاله أحمد أبو الخطاب والحلواني وغيرهما فيمن رهن عند رجلين فوفى أحدهما أنه يبقى جميعه رهنا عند الآخر وتأوله على المنع من المقاسمة وهو ضعيف لوجهين :
أحدهما : أن نص على أن الدار رهن على ما بقي . أحمد
والثاني : أن انفكاك أحد النصيبين وقبض صاحبه له لا يتوقف على المقاسمة فإن الشريك يقبض نصيبه المشترك من غير اقتسام ويكون قبضا صحيحا إذ القبض يتأتى في المشاع ويشبه هذه المسألة ما إذا كاتب عبدين له صفقة واحدة بعوض واحد ثم أدى أحدهما حصته من الكتابة هل يعتق أم لا ؟ على وجهين :
أحدهما : يعتق وهو اختيار وأصحابه ; لأنه أدى ما يخصه فهو كما لو أدى أحد المشتريين حصته من الثمن فإنه يتسلم نصيبه تسليما مشاعا عند الأصحاب وما ذكره في المغني من منع التسليم في هذه المسألة فهو يرجع إلى أنه لا يتسلم العين كلها وهذا صحيح وقد صرح به القاضي في الخلاف والجامع الصغير . القاضي
والوجه الثاني : أنه لا يعتق واحد منهما حتى يؤديا جميع مال الكتابة وهو قول أبي بكر وابن أبي موسى ونقل عن مهنا ما يشهد له واختلفوا في مأخذه فقيل ; لأن الكتابة عتق معلق بشرط فلا يقع إلا بعد كمال شرطه وهو هاهنا أداء جميع المال وهذا بعيد عن أصل أحمد أبي بكر ; لأنه يرى أن الكتابة عقد معاوضة محضة لا تعليق فيها بحال ، وقيل : لأن كل واحد منهم كفيل ضامن عن صاحبه فلا يعتق حتى يؤدي جميع ما عليه ، وقيل ; لأنها صفقة واحدة فلا تتبعض وهذا قد يرجع إلى الضمان أيضا كأنه التزم كل واحد منهما الألف عنه وعن صاحبه فيكون توزيعا للمفرد على الجملة إذ لو لم يلزم أحدهما أداء جميع المال [ لما ] وقف عتقه على أدائه . وقد اختلف كلام القاضي في ضمان كل منهما عن الآخر فنفياه تارة وأثبتاه أخرى ، ونقل وابن عقيل ابن منصور عن في رجل له على قوم حق أنه كتب في كتابهم أيهم شئت أخذت بحقي منه يأخذ أيهم شاء ومفهومه أن الغرماء لا ضمان بينهم بدون الشرط بكل حال . أحمد