الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ومنها : أن ما يقبل القسمة من الأعيان إذا طلب أحد الشريكين قسمته أجبر الآخر عليها وعلى التزام كلفها ومؤنها لتكميل نفع الشريك ، فأما ما لا يقبل القسمة فإنه يجبر أحدهما على بيعه إذا طلب الآخر بيعه نص أحمد على ذلك في رواية الميموني فقال إذا اختلفوا في القسمة فليس للمضار شيء إذا كان يدخله نقصان ثمنه بيع وأعطوا الثمن وكذا نقل حنبل عن أحمد أنه قال كل قسمة منها ضرر لا أرى أن يقسم . مثل عبد بين رجلين وأرض في قسمتها ضرر ويقال لصاحبها إما أن تشتري [ ص: 145 ] وإما أن تتركه إذا كان ضررا وصرح بذلك ابن أبي موسى والقاضي والحلواني والشيرازي وابن عقيل والسامري وصاحب الترغيب ، وصرح بمثله في إجارة العين إذا لم يتفقا على المهايأة أو تشاحا ، وكذلك قال القاضي في خلافه وأبو الخطاب في انتصاره ، وكثير منهم صرحوا بأنه يباع عند طلب القسمة وإن لم يطلب البيع . ولهذا مأخذان :

أحدهما : أنه إذا تعذر قسمة العين عدل إلى قسمة بدلها وهو القيمة ، وهذا مأخذ من قال يباع بمجرد طلب القسمة ، وهو ظاهر كلام أحمد .

والثاني : أن حق الشريك في نصف القيمة مثلا لا في قيمة النصف فلو باع نصيبه مفردا لنقص حقه ويدل على أن حقه في نصف القيمة أن الشرع أمر في السراية أن يقوم العبد كله ثم يعطى الشركاء قيمة حصصهم ، وقد نص الأصحاب على أن للولي بيع التركة على الصغار والكبار إذا كان في تبعيضها ضرر واحتيج إلى البيع ، وما دل عليه كلام بعضهم من امتناع البيع على الكبار في غير هذه الصورة قد يكون بناء على أن ضرر ما نقص ليس بمانع من قسمة الإجبار كقول الخرقي ، وإنما المانع منهما أن لا ينتفع بالمقسوم فحينئذ يكون عدم الإجبار على البيع في حالة نقص القيمة مبنيا على أن القسمة ممكنة ومع الإجبار عليها لا يقع الإجبار على البيع ثم وجدت في مسائل ابن منصور عن أحمد في عبد بين رجلين أراد أحدهما أن يبيع وأبى الآخر ، قال أحمد يبيع كل منهما حصته وهذا يدل على أنه لا إجبار على البيع مع الشريك ، وهذا كله في المشاع المشترك ، فأما المتميز كمن في أرضه غرس لغيره أو في ثوبه صبغ لغيره إذا طلب أحدهما أن يبيع الآخر معه ففي إجباره وجهان ، أوردهما صاحب المحرر في غراس المستعير لأنه يستدام في الأرض فلا يتخلص أحدهما من صاحبه بدون البيع ، بخلاف غرس الغاصب فإنه يتخلص منه بالقلع ، فأما البيع ففي المغني وغيره في بيع الغاصب إن طلب مالك الثوب أن يبيع معه لزمه وفي العكس وجهان وجزم القاضي في خلافه بالإجبار على البيع بطلب الغاصب ، وأما صبغ المشتري إذا أفلس وأخذ البائع ثوبه وطلب أحدهما البيع أجبر الآخر عليه ، وهذا لأن الصبغ يستدام في الثوب فلا يتخلص من الشركة فيه بدون البيع ، وإنما فرقنا بين طلب الغاصب وغيره على وجه لئلا يتسلط الغاصب بعدوانه على إخراج ملك غيره عنه قهرا

التالي السابق


الخدمات العلمية