الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ومنها ) لو باع السيد عبد نفسه بمال في يده فهل يعتق أم لا ؟ المنصوص عن أحمد أنه يعتق بذلك وذكره الخرقي مع قوله : إن العبد لا يملك ، ونزله القاضي على القول بالملك فيكون دخول السيد مع عبده في بيعه نفسه بماله إقرارا له على ملكه فيصح بيعه ويعتق ، وإن قلنا : لا يملك لم يصح بيعه ويحتمل أن يقال بيعه نفسه هنا كناية عن عتقه فيعتق به بكل حال ، ولهذا قال الأصحاب : أن بيع السيد عبده نفسه بمال تعليق لعتقه على التزامه فيعتق على ملك السيد فيكون هاهنا تعليقا على إيفاء [ ص: 390 ] هذا المال ، يعتق به أما إن دفع مالا إلى رجل ليشتريه به من سيده ففعل وأعتقه المشتري فهل يصح العقد ويعتق إن اشتراه الرجل في الذمة ؟ ثم نقد المال صح وعتق وإن اشتراه بغير المال انبنى على الروايتين في تعيين النقود بالتعيين على ما سبق والمنصوص عن أحمد في رواية عبد الله وأبي الحارث وأبي داود البطلان معللا بما ذكرنا وذكره الخرقي ، والفرق بين هذه والتي قبلها أن السيد لم يعلم ههنا أنها ماله فلا يكون إقرارا لها على ملك العبد ونص في رواية مهنا وحنبل على أنه يعتق ويغرم المشتري الثمن وهذا قد يتنزل على القول بأن النقود لا تتعين .

وقد يتنزل مع القول بالتعيين على أنه عقد فاسد مختلف فيه فينفذ فيه العتق كما ينفذ الطلاق في النكاح المختلف فيه وهو أحد الوجهين للأصحاب وكذلك نقل مهنا عنه في عبد دفع إلى رجل ألف درهم من مال رجل آخر فاشتراه بها من سيده وأعتقه أنه يرجع صاحب المال بماله فإن استهلك كان دينا على العبد ويعتق العبد وحمل القاضي في موضع من المجرد وتبعه ابن عقيل [ في ] المسألة على أن العبد وكل الرجل في شراء نفسه من سيده فيكون المشتري وكيلا للعبد وتكون وكالة صحيحة قال الشيخ مجد الدين فعلى هذا يكون قد عتق في الباطن في الحال ويلزم المشتري الثمن ويرجع به على العبد .

وقال أيضا في موضع آخر : هذا فيه إشكال لأن العبد عندنا لا يصح أن يشتري من سيده شيئا بنفسه فكيف يصح توكيله فيه ولهذا قال أحمد لا ربا بين العبد وسيده قال : ويحتمل أن يصح بناء على أن العبد يملك ويلتزم عليه جريان الربا بينهما ، قال ويحتمل أن تكون هذه المسألة غلطا في كتابيهما يعني القاضي وابن عقيل وأن الصواب في ذلك أن يقال إذا وكل رجل العبد في شراء نفسه من سيده .

التالي السابق


الخدمات العلمية