الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ومنها : غرس المشتري من الغاصب إذا لم يعلم بالحال ، والمنصوص عن أحمد أنه يتملك بالقيمة ولا يقلع مجانا نقله عنه حرب ويعقوب بن بختان في رجل باع أرضا من رجل فعمل فيها وغرس ثم استحقها آخر قال يرد عليه قيمة الغراس أو نفقته ليس هذا مثل من غرس في أرض غيره ، وكذلك نقل عنه محمد بن أبي حرب الجرجاني عن أحمد فيمن اشترى أرضا فغرس فيها وعمل ثم استحقها آخر أنه يرد عليه قيمة الغراس يوم يستحق ليس هذا مثل الغراس في أرض غيره فيقلع غرسه ، وحمل القاضي هذه النصوص على أن له القيمة على من غره كما في الغرور بنكاح أمة ، قال فأما المستحق الأرض فلا ضمان عليه لأنه لم يحصل منه إذن في ذلك ، وهذا مخالف لمدلول هذه النصوص على ما لا يخفى وكونه لم يحصل منه إذن لا ينفي كون الغراس محرما كما نقول فيمن حمل السيل إلى أرضه نوى فنبت شجرا أنه كغراس المستعير على أصح الوجهين لا يقلع مجانا لعدم التعدي في غرسه وهو اختياره أعني القاضي ، وأقرها الباقي في موضع من خلافه رواية ، وكذلك صاحب المحرر ، ولكن الذي ذكره ابن أبي موسى والقاضي في المجرد وتبعه عليه المتأخرون أن للمالك قلعه مجانا ويرجع المشتري بالنقص على من غره والصحيح الأول ولا يثبت عن أحمد سواه ، وهو قول الليث ومالك وأبي عبيد وبه قضى عمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز رضي الله عنهما ، لكن عمر بن الخطاب خير صاحب الأرض بين أن يعطي الغارس قيمة غرسه وبين أن يدفع الغارس إليه قيمة أرضه ، وكذلك قضى عمر بن عبد العزيز ، لكنه إنما قضى بدفع قيمة الأرض إلى المالك عند عجزه عن دفع قيمة الغراس وقد ذكر هذه الآثار أبو عبيد القاسم بن سلام [ ص: 149 ] في كتاب الأموال ، والخلال في كتاب القرعة من الجامع

التالي السابق


الخدمات العلمية