الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ومنها ) ولاية المطالبة بالتركة إذا كانت دينا ونحوه هل للورثة خاصة أم للغرماء والورثة قال أحمد في رواية عبد الله في رجل مات وخلف وديعة عند رجل ولم يوص إليه بشيء وخلف عليه دينا يجوز لهذا المودع أن يدفع إلى ولد الميت ؟ فقال : إن كان أصحاب الدين جميعا يعلمون أنه مودع ويخاف تبعتهم أن يرجعوا عليه ليخلفوا جميع أصحاب الدين والورثة يسلم إليهم ونقل صالح نحوه وهذا يدل على أن للغرماء ولاية المطالبة والرجوع على المودع إذا سلم الوديعة إلى الورثة وحمله القاضي على الاحتياط قال ; لأن التركة ملك للورثة ولهم الوفاء من غيرها .

وظاهر كلامه إن قلنا : التركة ملك لهم فلهم ولاية الطلب وإن قلنا ليست ملكا لهم فليس لهم الاستقلال بذلك وقال الشيخ مجد الدين عندي إن نص أحمد على ظاهره لأن الورثة والغرماء تتعلق حقوقهم بالتركة كالرهن والجاني فلا يجوز الدفع إلى بعضهم قال وإنما المشكل أن مفهوم كلامه جواز الدفع إلى الورثة بمفردهم ولعله أراد إذا [ ص: 403 ] وثق بتوفيتهم الدين ( انتهى ) ولا ريب أن حقوق الورثة تتعلق بها أيضا وإن قلنا لا ينتقل إليهم وهم قائمون مقام الوصي عند عدمه أيضا في إيفائه الديون وغيرها عند طائفة من الأصحاب فالمتوجه هو الدفع إلى الورثة والغرماء جميعهم ولا يملكون الدفع إلى الغرماء بانفرادهم بكل حال وقد نص أحمد في رواية مهنا فيمن عنده وديعة وصى بها ربها لرجل ثم مات أن المودع لا يدفعها إلى الموصى له . فإن فعل ضمن ، ولكن يجمع الورثة والموصى له فإن أجازوا وإلا دفع إليهم جميعا ولعل هذا فيما إذا لم يثبت الوصية في الظاهر وإنما المودع يدعي ذلك وأنها لا تخرج من الثلث وكذلك قال إن أجازوا لغير الورثة وإلا فالعين الموصى بها إذا خرجت من الثلث لا حق فيها للورثة ولا تنتقل إليهم بكل حال على الصحيح وفي المحرر أن من عليه دين يوصي به لمعين فهو مخير إن شاء دفعه إلى الموصي وإن شاء دفعه إلى الموصى له بخلاف الوصية المطلقة فإنه لا يبرأ بدون الدفع إلى الوارث والوصي جميعا ; لأنها كالدين وقد نص أحمد أيضا في رواية أبي طالب فيمن عليه دين لميت وعلى الميت دين فقضى ربه أنه يجوز في الباطن دون الظاهر ووجهه القاضي بأن الورثة لا حق لهم في ذلك المال الذي في مقابلة الدين فلا يكون متصرفا في حقوقهم وهذا متوجه على القول بأن التركة لا تنتقل إليهم مع الدين فلا يكون القضاء من أموالهم ويرجع ذلك إلى أن كل مال مستحق يجوز دفعه إلى مستحقه مع وجود من له ولاية القبض ، وقد سبق ذكره في القواعد .

التالي السابق


الخدمات العلمية